للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الآخر: الذي يثبت به دخول شهر رمضان؛ إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما، فإنه إذا لم ير الهلال أكملت عدة شعبان ثلاثين يوما، سواء كان الجو صحوا أو غائما أو قترا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين (١) » متفق عليه واللفظ للبخاري، وفي معناه أحاديث أخرى في الكتب الستة وغيرها. ومن رأى الهلال فردت شهادته فإنه لا يصوم إلا يوم صوم الناس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم تصومون (٢) » أخرجه الترمذي.

ولا يثبت دخول الشهر بغير هذين الأمرين، فلا عبرة بقول أهل الحساب والفلك في هذا الأمر، فإنه أمر شرعي ينبني عليه عبادات المسلمين ضبطها الشارع بضوابط لا يجوز لنا تجاوزها، وقد دلت الأدلة على أن ثبوت شهر رمضان لا يكون إلا بالرؤية الشرعية المعتبرة، أو بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوما.

ولم يأت دليل يعلق دخول هذا الشهر بالحساب، بل قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على عدم اعتباره، ففي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا (٣) » يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين. فنفى المعرفة بالحساب وظاهره نفي تعليق الحكم به، يوضح ذلك ما في البخاري أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين (٤) » .


(١) صحيح البخاري الصوم (١٩٠٧) ، موطأ مالك الصيام (٦٣٤) .
(٢) سنن الترمذي الصوم (٦٩٧) ، سنن أبو داود الصوم (٢٣٢٤) ، سنن ابن ماجه الصيام (١٦٦٠) .
(٣) صحيح البخاري الصوم (١٩١٣) ، صحيح مسلم الصيام (١٠٨٠) ، سنن النسائي الصيام (٢١٤١) ، سنن أبو داود الصوم (٢٣١٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٤٣) ، موطأ مالك الصيام (٦٣٤) .
(٤) صحيح البخاري الصوم (١٩٠٩) .

<<  <   >  >>