للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما ما يتعلق بالفقرة (ب) من قول الكاتب " هذه الحادثة والفتوى هي التي جعلتني أغضب وأحزن معا؛ لأننا نضيق واسعا. . إلخ " فنقول كونك يضيق عطنك عن قبول الحق، ولا ينشرح صدرك لمقتضى الشريعة، هذا أمر يعود عليك، ولا يرجع على شرع ربنا بالبطلان أو التنقص، والواجب عليك توطين نفسك على الرضا بحكم الله ورسوله، وشرع الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (١) أما قوله: " لأننا نضيق واسعا لنا فيه من الشرع الحنيف سعة. . . " فنقول: لا شك أن شرعنا وديننا دين الحنيفية السمحة كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بل أخبرنا الله - عز وجل - بأنه بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فينا، وامتن به علينا، وكان فيما امتن به أنه وضع به الأغلال والآصار التي كانت على من قبلنا فقال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (٢) الآية.

ومعلوم أن في شرعنا من السعة والتيسير ما جعله صالحا لكل زمان ومكان، بل وللإنس والجان لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعث للثقلين الإنس والجن.

لكن هذه السعة ليست مطلقة يتعلق بها كل متعلق، بل شرع الله محدود بحدود، لا يجوز تعديها، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} (٣) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إن الله حد حدودا فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تضيعوها» . . . . .


(١) سورة النساء الآية ٦٥
(٢) سورة الأعراف الآية ١٥٧
(٣) سورة النساء الآية ١٤

<<  <   >  >>