للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعائشة - رضي الله عنها - تخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «بأنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه (١) » متفق عليه.

ومعلوم أن غسل الميت كما سيأتي - إن شاء الله - مشروع بالسنة القولية والفعليه والإجماع، فلو كان ما ذكره الكاتب خيرا لما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أيسر، ولما شرع غسل الميت وهو أشق، فلما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك دل على أن ترك التغسيل إثم بنص الحديث السابق، وأنه ليس من التيسير المشروع ولا من سعة الشريعة ترك غسل الميت.

وقد كثر في الآونة الأخيرة من بعض الكتاب الدندنة حول سعة الشريعة ويسرها، وهي كلمة حق أريد بها باطل، يريدون بهذا التوصل إلى باطلهم وترويجه في مجتمعات المسلمين وإلباسه لباس الدين، وهذا من أبطل الباطل.

أما ما يتعلق بالفقرة (ج) فإن هذا الذي ذكره من أن الله لا ينظر إلى صورنا بل إلى أعمالنا هذا جزء من حديث صحيح أخرجه مسلم وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم (٢) » وهذا ليس فيه ما يعارض غسل الميت بوجه، فغسله فرض على الكفاية، ومن الأعمال التي ينظر الله إليها ويجازي عليها القيام بحق الميت من غسل وتكفين وصلاة ودفن.

فمن فعل ذلك محتسبا الأجر عند الله، متقربا بذلك لله فله أجر عمله هذا، ومن كانت صورة عمله هي التغسيل والتكفين وغير ذلك من حقوق الميت، ولكن نيته ليست التقرب إلى الله، فهذا يجازى بحسب نيته، ولا يكفي في ذلك صورة عمله، بل المحاسبة تكون على العمل الظاهر وما قام في القلب من النية.


(١) صحيح البخاري المناقب (٣٥٦٠) ، صحيح مسلم الفضائل (٢٣٢٧) ، سنن أبو داود الأدب (٤٧٨٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/١٣٠) ، موطأ مالك الجامع (١٦٧١) .
(٢) رواه مسلم في كتاب البر والصلة والاداب، حديث (٤٦٥١) ، وابن ماجه في كتاب الزهد، حديث (٤١٣٣) ، وأحمد في باقي مسند المكثرين، حديث (٧٤٩٣) .

<<  <   >  >>