للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موتورين وأن عصبيتهم كانت لا تطمئن إلى انصراف الأمر عنهم فكانوا يتعززون بنصرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وانتصافهم من قريش. . . وكان عمر قرشياً تكره عصبيته أن تزدَرَى قريش، وينكر - كذا كذا - ما أصابها من هزيمة - يعني في غزوة بدر - انتهى.

ولكن من أين لأستاذ الجامعة أن حساناً كان ينشد يومئذ في هجاء قريش

في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ليعزي الأنصار وينوح لهم كالنائحة المستأجرة حتى ثارت

لذلك عصبية عمر ورجع وهو أمير المؤمنين إلى طبع الجاهلية!

ومن أين له أن عمر كان ينكر ما أصاب قريشاً من الهزيمة في غزوة بدر أو

فتح مكة!

وهل كان عمر كـ طه حسين يشك في التاريخ ويكذبه مع أن سيفه كان من

تلك السيوف التي هزمت قريشاً؟

ثم كيف يجوز لأستاذ الجامعة أن يكذب ويغير النص فيقول: "فيتركه عمر

ويمضي، وكل الروايات في الكتب متفقة على أنه قال لحسان: صدقت أو

صدقه. ولكن إذا قال عمر صدقت كان ذلك نصاً على أنه لم ينكر ما أنكر، لا حمية ولا عصبية لأن العصبية تأبى عليه أن يصدق، بل يكظم على غيظه

(ويتركه ويمضي) فانظروا أيها الناس ما يصنع الخبيث لرمي الرجل الذي أعز الله به الإسلام واتهام إيمانه وصدقه مع ورود الحديث الشريف

" ليس منا من دعا إلى عصبية"

وقد رأيت كم تكرر لفظ العصبية في كلامه ثم إن قول عمر

لحسان: صدقت، يدل من جهة أخرى على أنه

لم ينكر عليه إلا هيئة الإنشاد.

كان ينشد الشاعر العربي فينتفخ ويربو في ثيابه

ويتكلف التفخيم والتشذق

وإدارة اللسان وتقليبه ويهدر كما يهدر البعير حين يستفحل ويرغو وكل ذلك في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فذلك حيث يقول عمر أرغاء كرغاء البعير؟

على أن الأستاذ المخلط الذي يرمي عمر بالعصبية قال في الصفحة

نفسها: تحدثت الرواة "وهنا ترجم نصاً فلننقله عن ابن سلام"، قال: قدم ضرار بن الخطاب الفهري وعبد الله بن الزبَعرى المدينة أيام عمر بن الخطاب فأتيا أبا أحمد بن جحش. . . فقالا له: أتيناك لترسل إلى حسان فنناشده ونذاكره، فإنه كان في الإسلام ويقول في الكفر - أي الجاهلية - فأرسل إليه فجاء، فقال: يا أبا الوليد، أخواك تطربا إليك يذاكرانك وينشدانك.

قال: نعم، فأنشداه - أي

مما قالا في الأنصار - حتى إذا صار كالمرجل يفور قعدا على رواحلهما إلى

<<  <   >  >>