للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ

قبل أن يجري القلم في هذه الكلمة نصحح قولاً جئنا به في بعض ما

كتبناه، فقد ظنَنا أن أستاذ الجامعة أخذ فكرة الشك في شعر الجاهلية عن

المستشرق مرجليوث، ولكن أحد الفضلاء نبهنا إلى أنه قبلَ جحا قد كان أبو

دلامة. . . فإن هذه الفكرة من آراء مستشرقي الألمان، وهي مبسوطة بكثير من أدلة طه حسين في كتاب "الشعر العربي قبل الإسلام " المطبوع في باريس سنة ١٨٨٠؛ فيسرنا والله أن نباهي الأمم كلها بجامعتنا المصرية التي جاءت في تاريخ الدنيا بمعجزة فوق المعجزات، إذ ظفرت لتدريس الآداب العربية بأستاذ عظيم تُسرَق آراؤه وتُطبع وتنشر في أوروبا قبل أن يولد هو في مصر ببضع سنوات. . .

وما زالت بلادنا هذه مُرَزأة مسكينة لا تبرح الأقدار تمسها في كنوزها

الغالية وترميها بالمتلصصة من آفاق الأرض، فما كفى أوروبا أن تسرق آثار

ملوكها وفراعنتها بعد موتهم، بل اجترأت كذلك فسرقت آراء الفرعون العظيم طه حسين قبل ولادته. . .

أما بعد أيتها الجامعة، فإنما نخاطبك ونكتب لك وحدك، وإياكِ نعني.

وعلى قدرِك ما أجملنا وفصلنا؛ لأنك مؤتمنة على عقائد أبنائنا ونراك خائنة.

وفيك مَثابة العلم ونراك جاهلة، وإليك الرأي في هذا الأدب ثم لا يسف ولا يسقط في الرأي غيرك؛ وقد كان الظن بك أن للعلم حرمة عندك وللأمانة موضعاً فيك، وأنك تعلمين الفرق بين علم مفروغ منه وعلم قد بُدئ؛ فيه وبين العقل العام الذي يجتمع من صواب العلماء جميعاً وبين العقل الخاص الذي يحمله كل عالم وكل جاهل، وكنا نرجو بذلك أن تدركي أن الأدب لا يلبس ثياب طه حسين ولا يحيا بحياته ولا يموت بموته، وأن هذا الرجل هو مِرآتك في الأمة، فهو رادك إلى طبعه وخلقه، وممثلك بجهله وحمقه، ودامغُك بزيغه وإلحاده؛ فتَعَالَمتِ به حتى فضحك جهله، وأمنت له حتى لبسك كفره؛ ثم أنت بعد ذلك لا خطأ نفيتِ ولا صواباً أتيت، بل ذهبتِ بنفسك؛ غروراً منك بأن

<<  <   >  >>