للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجور وخمور ثم يأتي مفتخرا فيتحدث أنه فجر بكم إمرأة، وأنه شرب كم كأسا من الخمر فتكون السئية عنده حسنة، ويكون مستهترا بأحكام الله عز وجل، ومثل هذا يستتاب فإن تاب وإلا قتل. لأن هذا من أعظم السخرية بدين الله عز وجل، يأتي يتبجح بما وصفه الله بأنه فاحشة كالزنى ويأتي يتبجح بشرب من لعن النبي صلي الله عليه وسلم شاربه فأين الدين وأين الإيمان.

وإذا عومل مثل هذا بما يستحق ارتدع كثير من الناس عن مثل هذه الأمور. والله المستعان.

عن وابصة الأسدي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن لا أدع شيئا من البر والإثم إلا سألته عنه وحوله عصابة من المسلمين يستفتونه فجعلت أتخطاهم قالوا: إليك يا وابصة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: دعوني فأدنوا منه، فإنه أحب الناس إلي أن أدنو منه قال: (دعو وابصة، أدن يا وابصة) مرتين أو ثلاثا قال: فدنوت منه حتى قعدت بين يديه فقال: (يا وابصة أخبرك أو تسألني؟) قلت: لا، بل أخبرني فقال: ((جئت تسأل عن البر والإثم؟)) فقال: نعم؛ فجمع أنامله فجعل ينكت بهن في صدري ويقول: ((يا وابصة استفت قلبك؛ واستفت نفسك) ثلاث مرات (البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك)) (١) .

قوله: (جئت تسأل عن البر) قلت: نعم هذه جملة خبرية في ظاهرها ولكنها استفهامية في معناها فمعنى (جئت تسأل عن البر) يعني أجئت تسال عن البر؟

والجملة الخبرية تأتي بمعني الأستفهام كثيرا قال الله عز وجل: (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ) (الأنبياء: ٢١) فجمله (هُمْ يُنْشِرُونَ) جملة استفهامية حذفت منها همزة الإستفهام والتقدير: أهم ينشرون حتى يتخذوهم آلهة ولهذا ينبغي


(١) رواه أحمد (١٧٣٢٠) ، و (١٧٣١٥) بلفظ: "البر ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس". والدارمي - كتاب: البيوع، باب: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، (٢٤٣٨)

<<  <   >  >>