للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجل بأكل لحم الميت تقبيحاً لها حتى لا يقدم أحد عليها.

واعلم أن الغيبة تختلف مراتبها باختلاف ما ينتج عنها، فغيبة الأمراء أعظم من غيبة عامة الناس، لأن غيبتهم تؤدي إلى كراهتهم، وإلى التمرد عليهم، وإلى عدم تنفيذ أوامرهم التي يجب تنفيذها، وربما تؤدي إلى الخروج المسلح عليهم، فيحصل بذلك من الشر ما الله به عليم.

كذلك أيضاً غيبة العلماء أشد من غيرهم، لأن غيبة العلماء تتضمن الاعتداء على أشخاصهم، وتتضمن الاعتداء على ما يحملونه من الشريعة، لأن الناس إذا خف ميزان العالم عندهم لم يقبلوا منه.

ولذلك أحذركم ما حذرتكم به من قبل، من أولئك القوم الذين أعتبرهم مفسدين في الأرض، فيأتون في المجالس يغتابون فلاناً وفلاناً، مع أنك لو فكرت لوجدت عندهم من العيوب أكثر مما يعيبون به هذا الشخص، احذروا هؤلاء، لا تركنوا إليهم وانبذوهم من مجالسكم نبذاً، لأنهم مفسدون في الأرض، سواء قصدوا أو لم يقصدوا، فالفساد متى حصل فصاحبه مفسد، لكن مع نية الإفساد يكون ضرره أكثر وأعظم.

كما أن التشبه بالكفار مثلاً متى حصل ولو بغير قصد التشبه ثبت حكمه، ومع نية التشبه يكون أعظم.

. ١٢أنه لا يحل ظلم المسلم بأي نوع من أنواع الظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "مَنْ تَعَدُّونَ المُفلِسَ فيكُم؟ " قَالوا: الذي لَيسَ عِندَهُ دِرهَم وَلاَ دينَار - أَو وَلاَ مَتَاع- قَالَ: "المُفلِس مَنْ يَأتي يَومَ القيامَةِ بِحَسَنَات ٍأَمثَالِ الجِبَالِ، فَيَأَتي وَقَد ضَرَبَ هَذا، وَشَتَمَ هَذا، وَأَخَذَ مَالَ هَذا، فَيَأخُذُ هَذا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِن لَمْ يَبقَ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيء أُخِذَ مِنْ

<<  <   >  >>