الشعوب التي تعيش على محور (واشنطن- موسكو)، الشعوب المتحضرة، بدأت تشعر جميعها بنفاد رصيدها الثقافي، رصيد مسوّغات حياتها التقليدية الموروثة عن أجدادها، وبدأت فعلاً تجري عمليات تعويض في شتى الميادين، حتى في ميدان الأدب حيث نرى لوناً جديداً يظهر تحت اسم (الوجودية).
وإذا كان من حق أصحاب هذا اللون من الأدب أن يحللوا القضية من الناحية الأدبية، كما يفعل (كير كجارد وهايدجر وسارتر)، في كل من الدانمرك أو ألمانيا أو فرنسا، فإن من حقنا نحن أن نحلله من ناحية أخرى. فنرى فيه رد فعل أدبي على شعور غامض لفقدان المسوغات في المجال النفسي.
والسؤال الآن كيف فقدت هذه المسوغات، التي تحركت ودارت عليها عجلة التاريخ طيلة القرون الماضية في أوربة؟
لنتصور كيف كان ينشأ الطفل في زمان (كيبلنج) مثلاً أو في زمان (أرنست رنان) مثلاً.