[بسم الله الرحمن الرحيم]
الحمد لله العظيم، الذي لا ظل إلا ظله، والصلاة والسلام على محمد، الذي علا مقامه، ورفع محله.
وبعد: فإن الحديث المشهور، في السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه - وقد نظمهم الشيخ أبو شامة في بيتين - قد وقع التحاور فيه قديما بين الفحول، هل لهم ثامن أولا؟ فجمع شيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر، زيادة على ذلك سبعة أخرى، وردت في أحاديث صحاح، ونظمها في بيتين، ثم تتبع بعد ذلك، فوجد سبعتين في أحاديث في أحاديث ضعاف، ونظمها في أربعة أبيات.
وقد وقع لي زيادة على ذلك. خصال أخرى، وقد نظمت سلك الجميع في هذه الكراسة، وبينت فيها قواعد ذلك وأساسه، وذكرت ما لكل حديث من الشواهد التي فيها التصريح بالظل، والإشارة إليه دون مجرد الترغيب، وسميتها: (تمهيد الفرش في الخصال الموجبة لظل العرش) .
والله أسأل التوفيق، والهداية إلى سواء الطريق.
[ذكر السبعة الأول المشهورة]
أخبرتني أم الفضل بنت محمد بن محمد القدسي بقراءتي عليها أنا إبراهيم بن أحمد البعلي عن أبي روح المطعم أنا عبد لله بن عمر أنا أبو الوقت الهروي أنا أبو عاصم بن أبي منصور ثنا عبد الرحمن بن أبي شريح ثنا أبو القاسم المنيعي ثنا مصعب الزبيري عن مالك عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله - عز وجل - ورجل قلبه معلق بالمسجد، إذا خرج منه، حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله، فاجتمعا على ذلك. وافترقا عليه، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
هذا حديث صحيح.
متفق عليه، أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
والترمذي عن أسحاق بن موسى عن معن بن عيسى عن مالك.
واتفقت رواة الموطأ على ذكره هكذا بالشك، عن أبي هريرة أو أبي سعيد.
(وانفرد أبو قرة عن مالك فقال: عن أبي هريرة وأبي سعيد) جمع بينهما.
وأخرجه الدارقطني في (غرائب مالك) .
من طريق أبي معاذ عن مالك، فقال: عن أبي هريرة أو أبي سعيد، أو عنهما جميعا.
ومن طريق زكريا بن يحيى عن ابن القاسم وغيره عن مالك عن أبي سعيد وحده.
وأخرجه الشيخان والنسائي من طريق عبيد الله بن عمر العمري عن خبيب عن حفص عن أبي هريرة وحده.
وعبيد الله أحد الحفاظ الأثبات.
وخبيب خاله.
وحفص جده، ولم يشك، فروايته أولى.
وقد تابعه: مبارك بن فضالة عن خبيب.
أخرجه الطياليسي.
وقد ورد من حديث سلمان: قال سعيد بن منصور في (كتاب السنن) له: حدثنا أبو معاوية عن إبراهيم الهجري عن الوليد بن عيينة عن سلمان قال: سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم القيامة: رجل إذا ذكر الله خاليا، فاضت عيناه.
ورجل أفنى شبابه ونشاطه في عبادة الله.
ورجل قلبه معلق بالمساجد من حبها.
ورجل تصدق بيمينه، وكان يخفيها من شماله.
ورجلان التقيا، فقال كل واحد مهنما: إني أحبك في الله، تصادرا على ذلك.
ورجل أرسلت إليه امرأة. ذات منصب. تدعوه إلى نفسها، فقال: إني أخاف الله.
وإمام مقتصد.
هذا إسناد حسن.
وقال ابن عدي في (الكامل) : حدثنا المغيرة بن أحمد أبو سهل الخاركي ثنا طالوت ثنا هشام بن سلمان عن يزيد الرقاشي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربعة في ظل الله، يوم لا ظل إلا ظله) : شاب، وهب شبابه لله.
ورجل تصدق بصدقة، أخفى يمينه من شماله.
ورجل تاجر، اشترى وباع، فلم يعمل إلا حقا.
وملك ملك الناس، فأقام عليهم، بالعدل، حتى توفي.
وقال ابن أبي شيبة ف (المصنف) : حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن إسحاق حدثني عمي موسى بن يسار أن سلمان كتب إلى أبي الدرداء: إن في ظل العرش: