الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى-، وغفر له ولشيخنا وللحاضرين:
كتاب: الأطعمة
عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول -وأهوى النعمان بأصبعيه إلى أذنيه-: ((إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، إلا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)).
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المصنف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: الأطعمة
الكتاب سبق التعريف به مراراً، وأنه مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً، وهو كما يقول أهل العلم: من المصادر السيالة التي تحدث شيئاً فشيئاً، يعني لا تحدث دفعة واحدة، يقول: قمت قياماً، دفعة واحدة، القيام مرة واحدة، لكن كتبت كتاباً، مصدر سيال يحدث شيئاً فشيئاً؛ لأنه يحدث يكتمل من مجموع الكلمات والحروف فلا يكون دفعة واحدة، يعني لا يمكن تضغط زر ويطلع لك كتاب، لا، ولا يمكن تجري القلم بلحظة يطلع لك كتاب، إنما يحدث شيئاً فشيئاً، تجتمع الحروف وتكون كلمات، والكلمات تكون أسطر، ثم الأسطر أوراق ومجلدات، شيئاً فشيئاً، والأصل في هذه المادة -والموضوع تكلمنا فيه مراراً لكن قد يكون في الحاضرين من لم يسمع الكلام السابق- والأصل في المادة الجمع، كما يقال: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، ويقال لجماعة الخيل: كتيبة، ومنه قول الحريري في مقاماته:
وكاتبين وما خطت أناملهم حرفاً ... ولا قرؤوا ما خط في الكتبِ