((وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق))، ((قضاء الله أحق)) هذا أفعل تفضيل، ومقتضى أفعل التفضيل إذا كانت على بابها أن يكون هناك شيئان اشتركا في أمر في وصف زاد أحدهما في هذا الوصف على الآخر، نعم، إذا قيل: قضاء الله أحق من قضاء البشر مثلاً، وشرع الله أوثق من قوانين البشر، هل معنى هذا أننا نقول: إن قوانين البشر فيها حق وفيها شيء من التوثيق؟ لا، نقول: أفعل التفضيل ليست على بابها، كما في قول الله -جل وعلا-: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [(٢٤) سورة الفرقان] هل لدى أهل النار من حسن المقيل شيء؟ ليس عندهم شيء، وعلى هذا أفعل التفضيل ليست على بابها.
((وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق)) مثلما ذكرنا الحديث لو ذهبنا نسترسل في فوائده، وتتبعنا جمله في الصحيحين وغيرهما، وما تدل عليه هذه الجمل من أحكام لاحتاج إلى دورات ما هي بدورة، وعرفنا أن فيه مصنفات خاصة، واستنبط منه بعض أهل العلم أكثر من أربعمائة فائدة، حكم شرعي.
والذي يهمنا أن الولاء لمن أعتق، فإذا أعتق شخص بدون مقابل وآخر بمقابل فالولاء لمن أعتق بدون مقابل؛ لأنه هو الأصل في العتق، بدون مقابل هو الأصل في العتق، على الخلاف في المكاتب أن له ولاء أو لا ولاء له، إذا لم يوجد سبب أقوى منه والعتق بدون مقابل.
أظن نكتفي بهذا وإلا احتاج الحديث بسط طويل، نعم.
[شرح حديث: شراء النبي -صلى الله عليه وسلم- جمل جابر:]
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه كان يسير على جمل فأعيا، فأراد أن يسيبه، فلحقني النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعا لي، وضربه، فسار سيراً لم يسر مثله، قال:((بعنيه بوقية))، قلت: لا، ثم قال:((بعنيه)) فبعته بوقية، واستثنيت حملانه إلى أهلي، فلما بلغت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثم رجعت، فأرسل في أثري، فقال:((أتراني ماكستك لآخذ جملك؟ خذ جملك ودراهمك فهو لك)).
حديث جابر، قصة الجمل، جمل جابر أيضاً من الأحاديث التي عني بها أهل العلم، فيها من الأحكام الشيء الكثير، ولهذا الحديث طرق كثيرة، وألفاظ خرجه البخاري -رحمه الله تعالى- في بضعة عشر موضعاً، في مواضع كثيرة جداً.