((فما بال رجال يشترطون شروطاً)) ((ما بال أقوام)) هذا الأسلوب النبوي، إذا أراد أن ينكر منكر ما يقول -عليه الصلاة والسلام- .. ، ليس من منهجه -عليه الصلاة والسلام- ما بال فلان، ما بال علان، يشهر هؤلاء الذين يرتكبون المنكرات، فيتعين مثل هذا الأسلوب؛ لأنه أسلوب نبوي، وهذا من التلميح، ولسنا بحاجة إلى التصريح إلا إذا اقتضت الحاجة إلى ذلك، افترضنا أن الشخص هذا ما يفهم، قال الخطيب هذه الجمعة: ما بال أقوام، ما بال أقوام، مراراً ما في فائدة، نعم، ولذا يقرر أهل العلم أن الإنكار يكون خفية، وتتعين الخفية إذا ترتب على الإعلان مفسدة، وقد يتعين الإعلان إذا لم يجدِ الإخفاء، بعض الناس ما يفهم، تقول: ما بال أقوام، ما بال أقوام، يظنهم ناس بالصين أو بالأندلس، ما يدري أنه هو المقصود، ويصر على خطأه ويرتكب مثل هذه الأمور، مثل هذا لا بد أن يبين له بعينيه، أنت يا فلان يا أخي خفية، يبين له بعينه خفية؛ لأن هذا يحقق الهدف، لكن مع ذلك ما أفاد خفية، يا فلان اتق الله، خاف الله، يرتكب كبائر ومصائب وجرائم ومع ذلك مصر، يشهر بين الناس لكي يرتدع، والله المستعان.
((أما بعد: فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله)) يعني في شرعه، كتاب الله أعم من أن يكون القرآن، فالمراد به شرعه، على أن القرآن شامل جامع لكل شيء {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} [(٣٨) سورة الأنعام] لكن بعض الأشياء دلالة القرآن عليها صريحة، وبعضها بالإيماء وليست صريحة.
((ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط)) يعني إذا كان يخالف ما في كتاب الله، وإلا فالأصل المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً، هذا إذا لم يخالف ما في كتاب الله، أما إذا تضمن مخالفة لكتاب الله ضرب به عرض الحائط، وإن كان مائة شرط، والعدد لا مفهوم له، ولو كان ألف شرط.