هل نقول النبي -عليه الصلاة والسلام- قصد الدخول من هذا الموضع، والخروج من ذلك الموضع، أو نقول: أن هذا طريقه؟، أو هذا الأيسر بالنسبة له؟ فإن كان الأيسر له أن يدخل من الأعلى ويخرج من الأسفل فعل، وإن كان الأيسر العكس فعل، هل هذا العمل متعبد به؟ مما يقتدى به، أو من الأفعال التي حصلت اتفاقاً فلا يتعبد به؟ هل هذا مثل خروج النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى العيد يخرج من طريق ويرجع من طريق آخر فيتعبد به؛ لأنه تكرر؟ أو نقول هذا كونه دخل من أعلاها هذا المناسب لأهل المدينة، وكونه خرج من أسفلها؛ لأن النزول أيسر من الصعود، لا يقول قائل إذا كان الدخول من أعلاها هو المناسب لأهل المدينة لماذا لا يكون الخروج كذلك؟ النزول أيسر من الصعود، وقيل بهذا وهذا.
إذا تيسر الدخول من أعلاها والخروج من أسفلها فهو الأولى، لكنه قد لا يتيسر لكل الناس لا سيما في المواسم؛ لأنه قد يقصد الإنسان هذا الموضع ثم يصرف عنه، أو يشق عليه مشقة بالغة إذا جاء من الجهات الجنوبية، كيف يلتوي على مكة إلى أن يصل إلى شمالها ثم يدخل!
على كل حال من فعل ذلك مع اليسر متعبداً بذلك فلن يخيب ظنه ولن يعدم الأجر -إن شاء الله تعالى- ومن شق على ذلك فلا مانع ولا حرج -إن شاء الله- في المخالفة في مثل هذا.
[الحديث الثاني:]
الحديث الذي يليه، حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وجرت العادة عند المؤلفين من المتأخرين يحرصون على الاختصار فإذا كان الحديث عن راو والذي يليه عن نفس الراوي قالوا: وعنه، كنوا عنه بالضمير، وهنا كرر، ومنهج الحافظ عبد الغني -رحمه الله- تعالى في هذا الكتاب البسط، ولذا تجدون الروايات فيه مبسوطة أكثر من المتون الأخرى، يعني البلوغ شديد الاختصار، لكن هذا فيه شيء من التوسع والبسط، ويمكن الاستغناء ببعضها عن بعض، لكن هذه طريقة المؤلف -رحمه الله-.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت.