مهر البغي وحلوان الكاهن محل إجماع أنه لا يجوز أخذه، طيب، ما دام لا يجوز أخذه إذاً لا يجوز دفعه؛ لأن ما حرم أخذه حرم دفعه، لو وجد شخص من الفجار يضحك على الناس فيغري النساء أو يغري من يوافقه من النساء بالعوض الكثير فتقع مثل هذه النسوة في حبائله، ثم يقول في النهاية: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن مهر البغي لا يدفع شيء، يتخذ مثل هذا ذريعة، ومثله من يتعامل بمعاملات محرمة، والشرع يمنع من مثل هذه المعاملات، من يقدم على الربا، ويعرف تحريم الربا، وفي قرارة نفسه أنه لن يدفع إلا رأس مال المرابي، فيأخذ أموال الناس بهذه النية، نقول: مثل هذا ينبغي أن يعامل بنقيض قصده، فتؤخذ منه هذه الأموال وتصرف بنية التخلص منها؛ لأنها كسب خبيث، بنية التخلص منها في المصارف غير الطيبة في مجاري، في دورات، في غيرها فيما أشبهها، ولا يترك لمثل هؤلاء الذين يتحيلون على العقود المحرمة في مثل مهر البغي مثل حلوان الكاهن، مثل تعامل بالربا، يقدم وهو عارف في الحكم، يغرر بهؤلاء، نعم هم مجرمون، كلهم مشتركون في الإجرام، لكن إذا بذل أكثر قد يغرر بالعفائف، لو جاء شخص إلى امرأة محتاجة عفيفة محصنة، وتحت ضغوط الحاجة، وظروف المجتمع، قال: أنا أدفع مليون، فمكنته من نفسها، وفي النهاية قال: مهر البغي خبيث لا يجوز دفعه، نعم، نقول: نعم مهر البغي خبيث، لكن أنت خبيث أيضاً، فمثل هذا يعاقب بنقيض قصده لا يتخذ مثل هذه ذرائع للضغط على مثل هؤلاء، هؤلاء خبثاء كلهم لا شك، لكن الأشرار لهم وسائل، والله المستعان.
تأذن؟ تفضل.
الحديث الذي يليه:
[شرح حديث:"ثمن الكلب خبيث .. ":]
"عن رافع بن خديج أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث)) ".
هذه ثلاثة أمور موصوفة بوصف واحد، وهي متفاوتة الخبث، لا شك أن مهر البغي أخبث من ثمن الكلب، وثمن الكلب أخبث من كسب الحجام، ولا يقول بالتساوي إلا من يقول بالاحتجاج بدلالة الاقتران، وهي ضعيفة جداً عند جماهير أهل العلم.
((ثمن الكلب خبيث)) عرفنا أن الكلب لا يجوز بيعه، ولو اقتضت الحاجة، لا يجوز بيعه ولو اقتضته الحاجة.