((فليبلغ الشاهد الغائب)): اللام لام الأمر، والتبليغ واجب وهو واجب كفائي، يعني على الكفاية، إذا حصل بمن يكفي صار في حكم الباقين سنة.
فقيل لأبي شريح: ما قال لك عمرو؟ يعني هل امتثل؟ قال: قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصياً، ولا فاراً بدم، يرى أنه محق في قتال ابن الزبير، وأن ابن الزبير خارج وباغي فقتاله حق، والحرم لا يعيذه.
"إن الحرم لا يعيذ عاصياً ولا فاراً بدم، ولا فاراً بخرَبة، أو خرِبة: وهي الخيانة أو البلية".
هذا الكلام من أبي شريح في مقابلة النص المرفوع، هل نقول: إن هذا الرجل -الأمير عمرو بن سعيد- عاند وخالف النص مخالفة صريحة؟ أو نقول: هو متأول؟
هو خالف النص بلا شك؛ جمهور أهل العلم على أن ابن الزبير عنده بيعة شرعية، ولذا سُلط على عمرو بن سعيد من هؤلاء الذين بعثوه من يقتله صبراً، عوقب، لكن لو قدر أن شخص من البغاة اعتصم بمكة، يترك؟ أو نقول له مثل ما قال: إن الحرم لا يعيذ عاصياً، ويضيق عليه حتى يخرج أو يقتل في مكانه؟ يرد فيه الخلاف السابق.
[الحديث الثاني:]
عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-ما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة:((لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية)) الهجرة هي الانتقال من بلد الشرك والكفر إلى بلد الإسلام.
((لا هجرة بعد الفتح)): مفهومه أن الهجرة نسخت بفتح مكة، لكن النصوص تدل على أن الهجرة باقية إلى قيام الساعة، الهجرة باقية وجوبها باق إلى قيام الساعة، وحديث الباب ((لا هجرة بعد الفتح)) إما أن يقال: لا هجرة من مكة بعد الفتح لأنه صار بلد إسلام، أو يقال:((لا هجرة بعد الفتح)) فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح.
(ولكن جهاد ونية)): جهاد ونية الباقي الجهاد، إذا كان الجهاد قائم فالمشاركة متعينة على تفصيل عند أهل العلم في كتب الفروع، متى يتعين أو لا يتعين متى يكون فرض كفاية، المقصود أنه لا بد من المشاركة إذا كان قائماً بما يحقق المطلوب أو نية الجهاد إذا لم يكن قائماً، فإن كان الجهاد قائماً بالفعل لا بد من المشاركة ممن يتأدى به الغرض أو نية الجهاد إذا لم يكن قائماً، فلا بد من تحديث النفس بالجهاد.