للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فيه النبي صلى الله عليه وسلم. فقال عمر: إنما هلك أهل الكتاب، أنهم اتبعوا آثار أنبيائهم، فاتخذوها كنائس وبِيَعاً. فمن عرضت له الصلاة فليصل، وإلا فليمض (١) .

٥٦٧ - فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد تخصيصه بالصلاة فيه، بل صلى فيه لأنه موضع نزوله، رأى عمر أن مشاركته في صورة الفعل من غير موافقة له في قصده ليس متابعة، بل تخصيص ذلك المكان بالصلاة من بدع أهل الكتاب، التي هلكوا بها، ونهى المسلمين عن التشبه بهم في ذلك، ففاعل ذلك متشبه (٢) بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصورة، ومتشبه باليهود والنصارى في القصد الذي هو عمل القلب.

٥٦٨ - وهذا هو الأصل، فإن المتابعة في النية أبلغ من المتابعة في صورة العمل، ولهذا لما اشتبه على كثير من العلماء جلسة الاستراحة (٣) : هل فعلها استحباباً أو لحاجة عارضة تنازعوا فيها.


(١) قال شيخ الإسلام في الاقتضاء (ص ٣٨٦) : فروى سعيد بن منصور في سننه، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد، عن عمر - رضي الله عنه - قال: خرجنا معه في حجة حجها.. وذكر القصة. وقال ابن وضاح في كتابه البدع والنهي عنها (ص ٤١ - ٤٢) : حدثني إبراهيم بن محمد قال: نا حرملة بن يحيى عن عبد الله بن وهب، عن الأعمش، حدثني مروان بن سويد الأسدي، عن عمر. وساق القصة ثم قال: وثنا موسى بن معاوية قال: نا جرير، عن الأعمش، عن المعرور بن سويد: خرجنا حجاجاً مع عمر ... القصة وليس من شيوخ الأعمش مروان بن سويد الأسدي وإنما هو مسعود بن مالك الأسدي فلعل مروان خطأ من الطابعين، أو من بعض النساخ. وعلى كل حال فالقصة صحيحة.
(٢) في خ: "متشبها".
(٣) يشير إلى حديث مالك بن الحويرث الليثي: "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً". أخرجه البخاري، ١٠ - كتاب الأذان، ١٤٢ - باب من استوى قاعداً في وتر من صلاته، ثم نهض، حديث (٨٣٢) . والترمذي =