للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

عليه، ولو ثبت لم يلزم أن يكون هذا شرعاً لنا (١) .

٦٣٣ - فإن الله تعالى قد أخبر عن سجود إخوة يوسف وأبويه، وأخبر عن الذين غلبوا على أهل الكهف أنهم قالوا (١٨:٢١) : {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} (٢) ونحن قد نهينا عن بناء المساجد على القبور، ولفظ الآية إنما فيه أنهم كانوا يستفتحون على الذين كفروا، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، وهذا كقوله تعالى (٨: ١٩) : {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ الْفَتْحُ} . والاستفتاح طلب الفتح وهو النصر.

٦٣٤ - ومنه الحديث المأثور أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح بصعاليك المهاجرين، أي يستنصر بهم، أي بدعائهم، كما قال: "وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم، بصلاتهم ودعائهم وإخلاصهم؟ " (٣) .


(١) كما قال تعالى: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً} .
(٢) للحافظ ابن رجب توجيه جيد، وتوفيق سديد بين معنى هذه الآية، والأحاديث التي فيها لعن اليهود والنصارى، بسبب اتخاذ قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد. قال رحمه الله: "وقد دل القرآن على مثل ما دل عليه هذا الحديث - يعني حديث لعن اليهود - وهو قول الله عز وجل في قصة أصحاب الكهف: {قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً} . فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور، وذلك يشعر بأن مستنده القهر والغلبة واتباع الهوى، وأنه ليس من فعل أهل العلم والفضل المنتصر لما أنزل الله على رسله من الهدى" فتح الباري في شرح صحيح البخاري. (٦٥/٢٨٠) ، من الكواكب الدراري - نقلاً عن المحدث الكبير الشيخ ناصر الدين الألباني. تحذير الساجد (ص ٧١) . ونقل من تفسير ابن كثير ما يؤيد تفسير ابن رجب. والأمر كذلك. انظر تفسير ابن كثير (٥/١٤٣) .
(٣) أخرج البخاري في: ٥٦ - الجهاد، ٧٦ - باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب، حديث (٢٨٩٦) ، (١/١٧٢) . من حديث سعد رضي الله عنه، قوله صلى الله عليه وسلم: "هل تنصرون إلا بضعفائكم".
وأخرج أبو داود، في: ٩ - الجهاد، حديث (٢٥٩٤) ، (٣/٧٣) . والترمذي، في: ٢٤ - الجهاد، (٤/٢٠٦) ، حديث: "ابغوني الضعفاء، إنما تنصرون، وترزقون بضعفائكم". =