للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فصل مناقشة دليل المنع

فإن قالوا: هذا الذي نسميه مجازًا وتسمونه أسلوبًا آخر من أساليب اللغة يجوز نفيه على قولكم، كما جاز نفيه على قولنا. فيلزم المحذور قولكم كما لزم قولنا.

فالجواب: أنه على قولنا بكونه حقيقة لا يجوز نفيه. فإن قولنا: رأيت أسدًا يرمي -مثلًا- لا نسلم جواز نفيه؛ لأن هذا الأسد المقيد بكونه يرمي ليس حقيقة الحيوان المفترس حتى تقولوا: هو ليس بأسد. فلو قلتم: هو ليس بأسد. قلنا: نحن ما زعمنا أنه حقيقة الأسد المتبادر عند الإطلاق حتى تكذبونا، وإنما قلنا بأنه أسد يرمي، وهو كذلك هو أسد يرمي.

قال ابن القيم -رحمه الله- في "مختصر الصواعق" (١) ما نصه:

"الوجه السادس عشر: أن يقال: ما تعنون بصحة النفي، نفي المسمى عند الإطلاق، أم المسمى عند التقييد، أم القدر المشترك، أم أمرًا رابعًا؟ فإن أردتم الأول كان حاصله أن اللفظ له دلالتان، دلالة عند الإطلاق، ودلالة عند التقييد؛ بل المقيد مستعمل في موضوعه، وكل منهما منفي عن الآخر. وإن أردتم الثاني لم يصح نفيه فإن المفهوم منه


(١) (٢/ ٧١٧).

<<  <   >  >>