ثم إنا نريد أن نضرب مثلًا لمناظرة نافي بعض الصفات بذكر مثال منها ليفهم منه غيره ويعلم منه كيفية إقناع الخصم على طريق المناظرة، فنقول: نافي الاستواء -مثلًا- يستدل على نفي حقيقته بأنه يلزمه مشابهة الحوادث، وذلك محال على الله، وما لزمه المحال فهو محال، وهذا الدليل قد يكون استثنائيًّا، وقد يكون اقترانيًّا.
وسنبين وجه بطلانه على كلا الأمرين إن شاء الله.
فنقول: إيضاح جعله استثنائيًّا أنَّ الخصم يقول: لو كان مستويًا على العرش لكان مشابهًا للحوادث لكنَّه غير مشابه للحوادث، ينتج فهو غير مستو على العرش.
فنقول: هذا قياس استثنائي مركب من شرطية متصلة لزومية في زعم المستدل المعطل، ومن استثنائية يُستثنى فيه نقيضُ التالي، ينتج نقيض المقدم في زعمه. وقد أجمع النظار على أن قياس الشرطية المتصلة اللزومية يتوجه إليه القدح من جهة الشرطية، أو الاستثنائية، أو كل منهما معًا، وشرطية هذه الشرطية التي استدل بها الخصم كاذبة؛ لأنها في هذا المثال لا تصدق إلا جزئية؛ لأن تاليها أخص من مقدمها، والحكم بالأخص على الأعم لا يصدق إلا جزئيًّا إيجابيًّا كان أو سلبيًّا بإجماع العقلاء، وسواء كان الحكم معلقًا كما في الشرطيات، أو غير معلق كما في الحمليات، ولا يخفى أن الصدق والكذب في الشرطية