قبل أن نتحدث عن الحياة الأسرية للنبي صلى الله عليه وسلم، من الأجدر أن أمهد لهذا البحث فأقول: إن عصرنا الحاضر، في الحقيقة، يمثل الصحوة الإسلامية في العالم والبعث الإسلامي الجديد. لقد جرب أهل الغرب نظمهم وعقائدهم وحصلوا على ما حصلوا عليه من نتائج سيئة وخطيرة. والآن يسود العالم شعور عام وإحساس ملح لإخفاق الإنسان في هذه النظم الوضعية، وهو نفسه يشعر أنه قد سئم من هذه النتائج السيئة. لذا فهو يريد الآن أن يتوجه نحو نظام غير وضعي، نظام ليس من صنع البشر، نظام إلهي محكم شامل.
ولكن ثمة صعوبة كبيرة تصادف الإنسان، ألا وهى خلو الأديان كلها عدا الإسلام من تصور نظام شامل. والنصرانية تأتي بتصور مذهب شخصي. وهناك نفس المشكلة في اليهودية والأديان الأخرى. ولكن الإسلام يختلف اختلافاً جذرياً في هذا الشأن فهو يتميز بوجود نظام شامل متكامل للحياة.
وأقبل العلماء والمفكرون على مطالعة الإسلام والتعرف على مبادئه عن كثب، الأمر الذي أدى إلى اليقظة العلمية والركون إلى الإسلام، فاعتنق عدد كبير من أهل أوربا وأمريكا اللإِسلام مما أزعج اليهود والتبشيريين وكل أعداء الإِسلام إزعاجاً شديداً.
وإذا أخفق أعداء الإِسلام في مقاومته بأساليب علمية لجأوا إلى الحملات المغرضة والمؤامرات الدنيئة ضد هذا الدين، فمثلاً يروجون أباطيلهم وشبهاتهم حول شخصية محمد صلى الله عليه وسلم لاسيما بالنسبة لتعدد زوجاته.
ولا تكاد مكتبة من المكتبات المنتشرة في شتى أنحاء أوربا التي زرتها، إلا وتضم مؤلفات تتناول أموراً مزعجة في نفس الموضوع.
فقد هاجموا شخصيته صلى الله عليه وسلم بأسلوب متصف بالوقاحة وعدم الموضوعية وبيعت مثل هذه الكتب بالملايين ووزع بعضها بأسعار مخفضة بل حتى بالمجان.