حالات فرحه وغضبه ويسره وعسره ويصاحبه في كل أمور حياته مهما كانت هامة أو بسيطة، عامة أو شخصية.
وهذا الشرف لم يقدره الله سبحانه وتعالى إلا لزوجاته صلى الله عليه وسلم اللاتي ظللن يصحبنه طوال حياته إلى لحظة انتقاله إلى الرفيق الأعلى. فلهذا نرى أن كبار الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانوا يستفتون أمهات المؤمنين -رضوان الله تعالى عليهن أجمعين- فيما يعن من أمور هامة في حياة المسلمين العامة والخاصة.
ويقول الإمام الزهري التابعي:"كانت عائشة أعلم الناس يسألها الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم". (طبقات ابن سعد: ج ٢: قسم ٢: ص ٢٦) .
ب- المصالح التشريعية: كما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم لتحقيق بعض الغايات التشريعية ومنها إبطال بعض العادات التي سادت زمن الجاهلية مثل التبني والتآخي.
كان بعض الناس من العرب يقول للآخر:"أنت ابني" فكان يتخذه ابنا حقيقيا فكان له حكم الأبناء من النسب في جميع الأحوال، في الزواج والطلاق ومحرمات النكاح ومحرمات المصاهرة والميراث.
وكذلك كان بعض الناس يقول للآخر:"أنت أخي" فكان يتخذه أخاً حقيقيا بنفس الطريقة وكان يحل له كل ما يحل للأخ الحقيقي ويحرم عليه كل ما يحرم على الأخ الحقيقي أيضا.
فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم عادة التبني بزواجه بمطلقة متبناه زيد وهي أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش. الحق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخشى أيضا من ألسنة الناس ويتردد في هذا الزواج فنزلت الآية:{وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} . فالنقطة الهامة أنه ما كان لأي إنسان غير النبي يستطيع أن يبطل عادة التبني إذا لم يبطلها النبي صلى الله عليه وسلم لخشيته من الناس. ففرض الله على النبي صلى الله عليه وسلم هذا الزواج ليبطل نظام التبني.
وبالمثل فقد أبطل النبي صلى الله عليه وسلم عادة التآخي بزواجه بأم المؤمنين السيدة عائشة لأنها ابنة أخيه في الإسلام سيدنا أبي بكر الصديق. وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سبق أن ذكرنا "أنت أخي في الإسلام" ولا يعني هذا أنك أخي من ناحية النسب. ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين التآخي في الإسلام والأخوة على أساس النسب.