للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} (النساء آية ٧٥) .

يلفت الله سبحانه وتعالى إلى أن الحرب في الإسلام ليست للتحكم في الرقاب ولإذلال العباد، بل هي في سبيل الله، وفي سبيل المستضعفين من المؤمنين الساكنين في مكة، الذين استذلوا ومنعوا من الهجرة ليفتنوهم عن دينهم.

فالإسلام في جهادٍ دائم لا ينقطع أبداً لتحيقيق كلمة الله في الأرض ولرفع الظلم عن الأفراد والجماعات في أقطار الأرض.

ومكة التي أكره الرسول صلى الله عليه وسلم على الهجرة منها فراراً بدينه، والتي ترك المسلمون فيها أموالهم وديارهم، تَعْتَمِد في معيشتها على التجارة. وعمل قريش الأول هو التجارة مع الشام، وطريق التجارة إلى الشام محفوف بالخطر، فالمسلمون في طريقه، ولقد أدرك الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية القضاء على قوة العدو الاقتصادية ووضعها في المقام الأول، لأن القضاء عليها قضاءً على القوة العسكرية. واهتمام الرسول عليه الصلاة والسلام بذلك يظهر من الغزوات الأولى والسرايا التي بعث بها الرسول عليه الصلاة والسلام قبل بدر، فقد كان هدفه الأول منها القضاء على تجارة قريش ومنع قوافلها من الخروج إلى الشام.

ونحن في عصرنا هذا نسمع عن الحرب الاقتصادية والحصار الاقتصادي وهما ذات السلاح الذي استخدمه الرسول صلى الله عليه وسلم.

وكانت هذه الغزوات والسرايا التي قام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنفسه بقيادة بعضها، بمثابة الاستكشاف والاستطلاع لمعرفة قوة عدوه، والوقوف على ما يدبره القرشيون من المكايد له صلى الله عليه وسلم، وللمسلمين في المدينة.... ولقد ظن الكثيرون أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يهدف بتلك السرايا والغزوات إلى جر قريش إلى الحرب.

والواقع أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرمي إلى غرضين نبيلين هما:

١- رغبته في أن تشعر قريش أن المسلمين في المدينة المنورة قوة، وأن في استطاعتهم قطع طريق القوافل إلى الشام وأن هذا معناه ضرورة إعادة النظر في موقف قريش من محمد صلى الله عليه وسلم ورجاله، وأن على قريش أن تفكر جدِّياً في أن مصلحتها تقتضي التفاهم مع المسلمين، فتكفل لهم حرية الدعوة إلى الدين في نظير سلامة تجارتهم وقوافلهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>