للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نظام الإثبات في الفقه الإسلامي

دراسة مقارنة

للدكتور عوض عبد الله أبو بكر

-٣-

الأدلة المختلف فيها:

بعد أن تناولنا في المقالين السابقين السمات الأساسية لنظام الإثبات في الفقه الإسلامي، ووضحنا تفرده بنظام يتسق مع عدله وشموله، وبينا أنه يحتوي على قسمين من أدلَة الإثبات –قسم اتفق عليه الفقهاء، وهو يتمثل في الإقرار والشهادة. وقسم آخر اختلفوا فيه –ومن هذا القسم المختلف فيه موضوع بحثنا في هذا المقال- اليمين والنكول عنه وعلم القاضي.

[اليمين والنكول عنه]

النكول عن اليمين هو الامتناع عنها حينما توجه إلى المدعى عليه من القاضي بطلب المدعي١. فإذا لم يكن للمدعي بينة وطلب يمين المدعى عليه فنكل، قال أبو حنيفة وأصحابه يقضى عليه بنكوله، ذلك لأن الشهادة لما كانت لإثبات الدعوى واليمين لإبطالها، وجب أن نكل أن تحقق عليه الدعوى، وقالوا إن عثمان رضي الله عنه قد قضى بالنكول، ولم يعلم له مخالف من الصحابة فكان ذلك إجماعا٢.


١ اتفق الفقهاء على أن الحقوق الخالصة لله تعالى- كالحدود- لا توجه اليمين إلى المدعى عليه لإثباتها، وإن كانت هناك رواية عن الشافعي تجيز ذلك. أما حقوق العباد الخالصة- كالأموال- فهذا اتفقوا على توجيه اليمين فيها، وإن كانت غير ذلك كالنكاح والطلاق والرجعة والعتق، فمالك ورواية عن أحمد على منع توجيه اليمين فيها، والشافعي وبعض الحنفية وابن حزم على جواز توجيه اليمين فيها، وأبوحنيفة يقول إن كانت هذه الحقوق مما يحتمل البذل أي ترك المنازعة فيجوز توجيه اليمين فيها، وإن كانت غير ذلك كالنكاح والنسب فلا يجوز. أما الحقوق المشتركة بين العبد والرب فاختلفوا فيها- فمن رجح جانب العبد أوجب اليمين، ومن يرجح جانب الله لم ير ذلك.
٢ الاختيار لتعليل المختار للموصلي ج٢ ص١٦٢ ط السعادة مصر. ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>