للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

"إلا في" حال "الإضافة" فإنه يجوز فيها "لأن الإضافة تقوم" بسبب استلزامها المضاف إليه "مقامها"؛ أي مقام التاء فيجوز حذفها. وحاصل هذا الاستثناء جواب عن استدلال سيبويه بقول الشاعر على جواز الحذف مطلقا، وبيانه أن حذف التاء في الشعر إنما هو في حال الإضافة ودعواه مطلق فلم يثبت به فلم يتم التقريب "وكذلك"؛ أي مثل حكم العدة "حكم الإقامة" أصلها أقواما نقلت حركة الواو إلى ما قبلها وقلبت ألفا وحذفت إحدى الألفين على اختلاف المذهبين لالتقاء الساكنين وعوضت عنها الياء في الآخر كما في العدة "و" كذلك حكم "الاستقامة ونحوهما" كالإجابة والاستجابة "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن حكمها حكم العدة "حذفت التاء في قوله تعالى: {وَأَقَامَ الصَّلَاةَ} " أصله إقامة الصلاة للإضافة كما حذفت في عد الأمر "وتقول في إلحاق الضمائر وعد وعدا وعدوا إلى آخره ويجوز"؛ أي يجب "في وعدت إدغام الدال في التاء لقرب مخرجهما" فكأنهما من جنس واحد فيثقل فيجب الإدغام "المستقبل يعد إلى آخره أصله يوعد" بدليل أن حروف ماضيه هي حروف مضارعه والفاء في الماضي واو، فوجب أن تقدر الواو في المضارع بعد حرف المضارعة، فوجب أن يكون الأصل يوعد "فحذفت الواو؛ لأنه يلزم الخروج من الكسرة التقديرية" أعني الياء "إلى الضمة التقديرية" أعني الواو "ومن الضمة التقديرية إلى الكسرة التحقيقية" التي هي كسرة العين "ومثل هذا" الخروج "ثقيل" وليس كذلك يوعد لسهولة النطق به لانضمام ما قبلها، فلذلك ثبتت إحداهما وسقطت في الأخرى، وهذا الثقل وإن لم يزم من اجتماع هذه الأمور الثلاثة إلا أنه لما لم يمكن حذف غير الواو تعين الواو للحذف، وإن لزم منه أيضا توالي الكسرات إلا أنه أهون من فساد حذف الآخرين "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل ثقل هذا الخروج


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
على المحذوف ولأنه يلزم النقصان من القدر الصالح "إلا في الإضافة" فإن الحذف فيها جائز "لأن الإضافة"؛ أي المضاف إليه "تقوم مقامها"؛ أي مقام التاء ولذلك حذفها الشاعر في عد الأمر "وكذلك حكم الإقامة والاستقامة ونحوهما" كالإجابة والاستجابة؛ يعني كما لا يجوز حذف التاء في عدة إلا في الإضافة، كذلك لا يجوز حذف التاء في الإقامة والاستقامة ونحوهما إلا في الإضافة؛ لأن التاء فيهما عوض من الواو كما في عدة؛ لأن أصلهما إقوامة واستقوامة فأرادوا أن يعلوا المصدر لاعتلال أقام واستقام فنقلوا الفتحة من الواو إلى ما قبلها، ولما انفتح ما قبلها وكانت في الأصل متحركة قلبت ألفا فاجتمع ألفان أولاهما منقلبة عن واو هي عين المصدر، وثانيهما زائدة وهي ألف أفعالة فحذفت الأولى التي هي العين وبقيت الألف الزائدة فيلزم التاء كالعوض من الواو كما في العدة، وقيل المحذوف الألف الزائدة "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن حكمها كحكم العدة في عدم جواز حذف التاء بغير الإضافة وجوازه بالإضافة "حذفت" التاء التي هي عوض من الواو "في قوله تعالى: {وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ} "؛ لأن أقام مصدر مضاف إلى الصلاة "وتقول في إلحاق الضمائر للماضي من المثال وعد وعدا وعدو إلخ"؛ أي وعدت وعدتا وعدن وعدت وعدتما وعدتم وعدت وعدتما وعدتن وعدت وعدتا بسلامة الواو في الكل كالصحيح "ويجوز في وعدت" بالحركات الثلاث في التاء "إدغام الدال في التاء لقرب مخرجهما" بعد قلب الدال تاء كما قالوا في أخذت أخت بإبدال الذال تاء وإدغامها فيها وهو الأكبر، كذا في الصحاح، ويحتمل أن يكون المراد بالعكس؛ أي قلب التاء دالا وإدغام الدال في الدال كما هو مذهب بعض العرب، قال بعض المحققين: ومن العرب من يقلب تاء المتكلم والمخاطب التي هي ضمير الفاعل في فعلت وفعلت إلى ما قبلها إذا كان ما قبلها أحد حروف ثلاثة الطاء المهملة والزاي المعجمة والدال المهملة ثم أدغموا الأولى في الثانية، وإنما فعلوا ذلك تشبيها لهذه التاء بتاء الافتعال من حيث اتصلت بما قبلها وما قبلها ساكن، كما أسكنت الفاء في افتعل ولم يمكن فصلها من الفعل فصارت مثل كلمة واحدة فأشبهت بتاء الافتعال، فقالوا في حبطت حبط وفي فزت فزو في وعدت وعد بقلب التاء دالا، كما قلبوها في ادان وإدغام الدال الأولى الأصلية في الدال الثانية المنقلبة من التاء، ثم قال ذلك البعض إن هذا القلب والإدغام شاذ رديء وأسند فقال قال سيبويه: أعرب اللغتين وأجودهما أن لا تقلب تاء الضمير؛ لأن التاء ها هنا علامة إضمار، وإنما جاءت لمعنى وليست تلزم الفعل ألا ترى أنك إذا أضمرت غائبا قلت: فعل ولم يكن فيه تاء، والتاء في افتعل ليست كذلك ولكنها دخلته زيادة لا تفارقه وتاء الإضمار بمنزلة المنفصل "المستقبل" من وعد عند إلحاق الضمائر "يعد إلخ"؛ أي يعدان يعدون تعد تعدان يعدن تعد تعدان تعدون تعدين تعدان تعدن أعد نعد "وأصل يعد يوعد فحذفت الواو" التي وقعت بين ياء مفتوحة وعين مكسورة "لأنه"؛ أي الشأن "يلزم الخروج من الكسرة التقديرية" التي هي الياء "إلى الضمة التقديرية" التي هي الواو "ومن" تلك "الضمة التقديرية إلى الكسرة التحقيقية" وهي كسرة العين "ومثل هذا ثقيل" على اللسان، وهو ظاهر ولا يمكن إزالة هذا الثقل بحذف الياء؛ لأنها علامة ولا بإسكانه لتعذر الابتداء بالساكن ولا بحذف كسرة لعين لئلا يلزم التقاء الساكنين، ولو حرك بحركة غير الكسرة يلزم تغيير البناء، وقيل: إنما حذفت الواو؛ لأن الياء تقارب الكسرة فوقع الفاء فاصلة بين قريبين، وكل ذلك في بناء المعلوم من وعد يعد، ولو بني منه المجهول زالت الكسرة فلم يحذف الواو فيقال: يوعد بإثبات الواو وفتح العين "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن مثل هذا الانتقال ثقيل

<<  <   >  >>