"فصل في اسم الفاعل": لما فرغ من قسم الأفعال شرع في قسم الأسماء المشتقة، وقدم منها الفاعل لعدم اختصاصه بفعل دون فعل، ولكثرة استعماله بالنسبة إلى ما عداه "وهو اسم مشتق من المضارع المعلوم لمن قام به الفعل بمعنى الحدوث" قوله: اسم جنس يشمل جميع الأسماء مشتقة أو غير مشتقة، وقوله: مشتق من المضارع يخرج الأسماء الغير المشتقة كالفاعل الذي أسند إليه الفعل وكالمصدر وغيرهما، وقوله: لمن قام به الفعل يخرج اسم المفعول والآلة واسمي الزمان والمكان، وقيل: يخرج أيضا اسم التفضيل ولا يخرج الصفة المشبهة، لكن هذا القيد لا يشمل بعض أسماء الفاعلين، نحو: زيد مقابل عمرو وأنا مقرب من فلان أو مبتعد عنه ومجتمع به، فإن هذه الأحداث نسب بين الفاعل والمفعول لا يقوم بأحدهما معينا دون الآخر كذا قيل، وقوله: بمعنى الحدوث يخرج الصفة المشبهة؛ لأن وضعها على الثبوت والدوام لا على الحدوث ولهذا لو قصد بها الحدوث ردت إلى صيغة اسم الفاعل فيقال في حسن حاسن الآن أو غدا ومنه قوله تعالى في ضيق {وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} وهذا مطرد في كل صفة مشبهة، ولا ينتقض التعريف بمثل: دائم وباق بناء على أنهما ليسا بمعنى الحدوث، بل بمعنى الاستمرار؛ لأن الاستمرار مدلول جوهر الكلمة لا مدلول الصيغة فيدلان بصيغتها على الحدوث أيضا، كما يدل يدوم ويبقى بحسب الصيغة على الحدوث، اعلم أن قوله: بمعنى الحدوث يخرج ما هو على وزن اسم الفاعل إذا لم يكن بمعنى الحدوث بل بمعنى الاستمرار نحو فرس ضامر؛ أي مهزول خفيف اللحم، وشازب بالشين والزاي المعجمتين بمعنى الضامر، وعذره أن يقال إن قصد الاستمرار فيها عارض ووضعها على الحدوث كما في قولك: الله عالم أو كائن أبدا كذا قرره الفاضل الرضي "واشتق" اسم الفاعل "منه"؛ أي من المضارع دون غيره من الأفعال ومن المصدر "لمناسبتها"؛ أي لمناسبة بينهما