للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

فصل في بيان أمثلة الماضي:

لكثرة ملحق تدحرج. ولما ذكر أن فعلا يلحق بفعل أراد بيان ما به يعرف ذلك فقال: "ومصداق" حكم "الإلحاق" والمصداق اسم آلة؛ أي آلة صدق الحكم بالحاق فعل يفعل؛ أي طريق معرفة صدق ذلك الحكم "اتحاد المصدرين"؛ أي مصدري ذينك الفعلين فكأنه آلة بين القوة العاقلة وبين صدق الحكم بالحاق؛ وإنما لم يحكم على أخرج بالإلحاق بدحرج مع اتحاد مصدريهما؛ لأنه كما يقال: دحرج دحراجا، يقال: أخرج إخراجا؛ لأن الاعتبار في دحرج بالفعللة لعمومها واطرادها في جميع صور فعلل دون الفعلال لعدم مجيئه في بعض الصور منه، فإنهم لم يقولوا في قحطب وعربد قحطابا وعربا دابل قالوا قحطبة وعربدة ولأن الشرط توافق المصادر أجمع. واعلم أن المراد بالإلحاق جعل مثال على مثال أزيد منه بزيادة حرف أو أكثر؛ أي جعله موازنا له في عدد الحروف في الحركات والسكنات، ولذلك لا يجوز الإدغام مطلقا في الملحق ولا الإعلال في غير الآخر وبجعل ذلك الحرف الزائد في المزيد فيه مقابلا للأصل في الملحق به فيعامل الملحق معاملة الملحق به في أحكامه من التصغير والتكبير وغيرهما فلا بد أن يكون الملحق مماثلا وموازنا للملحق به، ومعنى الموازنة وقوع الفاء والعين واللام في الفرع موقعها في الأصل الملحق به، وإن كان ثمة حرف زائد فلا بد من مماثلة في الملحق لا مجرد التوافق في الحركات والسكنات، ولذلك حكم على اقعنسس بأنه ملحق باحرنجم ولم يحكم على استخرج؛ لأن الاستخراج بالنسبة إلى احرنجم على خلاف ما ذكرنا في الأصلية والزيادة جميعا أما في الأصلية فلأن الخاء وهو فاء وقعت موقع النون الزائدة في الأصل، وأما في الزيادة؛ فلأن النون واقعة في الأصل بعد الفاء والعين وليس في الفرع نون في موضعها، والفرق بين الأصل والملحق به أن الملحق يجب أن يكون فيه ما زيد للإلحاق دون الملحق به، مثلا يجب في باب حوقل بزيادة الواو بين الفاء والعين دون باب دحرج وفي باب اقعنسس وتجلبب وجلبب تكرير اللام دون باب احرنجم وتدحرج ودحرج وعلى هذا القياس، ثم اعلم أن أحكام الأبواب كلها موكولة على السماع، وأن المصنف لما لم يتعرض لبيان معاني الأبواب اقتفينا أثره، وأيضا لما لم يتعلق الغرض من متعلم هذا الفن لمعاني الأمثلة لم نذكرها "فصل" أي هذا فصل "في" بيان أمثلة "الماضي" هو فعل دل وضعا على معنى وجد قبل زمان أخبارك "وهو يجيء على أربعة عشر وجها" لما يجيء وإن كان القياس يقتضي أن يكون ثمانية عشر وجها، ولم يتعرض لتعريف الماضي والمستقبل؛ لشهرة أمرهما لكونهما أصلي المشتقات من المصدر أو لإغناء اسميهما اللغويين عنه، وإنما قدم الماضي على المستقبل؛ لأنه أصل بالنسبة إليه؛ لأن الماضي مزيد عليه والمستقبل مزيد "نحو ضرب" تقول ضرب ضربا ضربوا ضربت ضربتا ضربن ضربت ضربتما ضربتم ضربت ضربتما ضربتن ضربت منتهيا "إلى ضربنا" وإنما بدأ في اطراد الأمثلة بالغائب نظرا إلى عدم الزيادة فيه، ومن بدأ بالمتكلم نظرا إلى أنه الأصل، ولما كان البحث عن أحوال أواخر بعض وجوه الماضي حركة وسكونا مبنيا على بناء الماضي إذا لم يعرف أن الأصل في آخره ما إذا لم يتصور بيان سبب العدول عن هذا الأصل في بعض وجوه تعرض لبنائه وتعرض أيضا لإعراب المستقبل، وبناء الأمر على سبيل الاستطراد تأييدا لبناء الماضي، وإلا فليس شيء منها من وظيفته فقال: "وإنما بني الماضي لفوات موجب الإعراب فيه" أي الفاعلية والمفعولية والإضافة؛ لأنه فعل والفعل لا يكون عرضة لاعتوار هذه


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
هو فاء وقعت موقع النون الزائدة في الأصل، وأما في الزيادة واقعة في الأصل بعد الفاء والعين وليس في الفرع نون في موقعها تدبر "ومصداق الإلحاق" أي في الفعل؛ أي ما يصدقه ويدل عليه "اتحاد المصدرين" أي اتحاد مصدر الملحق بمصدر الملحق به وزنا، مثل: دحرجة وشمللة، ووجه دلالته عليه أن اتحاد المصدرين يستلزم الاتحاد في جميع التصرفات، وليس المراد من الإلحاق إلا هذا كما مر، فإن قلت: إن أخرج قد يتحد مصدره لمصدر دحرج، فيقال: أخرج إخراجا كما يقال: دحرج دحراجا، فلِمَ لَمْ يقولوا بإلحاقه؟ قلت: إن الاعتبار إنما هو بالفعللة لإطرادها وعمومها في جميع صور فعلل، وأما الفعلان فلا اعتبار به أيضا أن زيادة الهمزة لقصد معنى التعدية لا لمساواته له في تصرفاته اللفظية، وأيضا حرف الإلحاق لا يزيد في الأول كما مر، وقيل: إن الشرط اتحاد المصدر أجمع ولما فرغ من تعداد الأبواب بأنواعها شرع في تصاريفها. فقال: "فصل في" بيان "الماضي" الفصل مصدر فصل بمعنى قطع وها هنا بمعنى الفاعل وقع خبر المبتدإ محذوف تقديره هذا فصل؛ أي فاصل، وعرفوا الماضي بأنه ما دل على زمان قبل زمانك فقولنا: دل على زمان؛ أي بمجرد صيغته ليتناول الماضي، وبقولنا: قبل زمانك؛ أي قبل زمان تلفظك به خرج منه المضارع، وإنما قلنا بمجرد صيغته ليخرج منه مثل: أمس، فإنه يدل على زمان قبل زمانك لكن لا بصيغته، بل بجوهر حروفه، وإنما قدم الفعل على الاسم لكثرة تصرفات الفعل بالنسبة إلى الاسم، وقدم الماضي منه؛ لأنه مجرد عن الزوائد، ولأنه يدل على الزمان الماضي، ولهذا سمى بالماضي "وهو يجيء على أربعة عشر وجها نحو ضرب إلى ضربنا" أي ضرب ضربا ضربوا ضربت ضربتا ضربن ضربت ضربتما ضربتم ضربت ضربتما ضربتن ضربتن ضربت ضربنا، والقياس ثمانية عشر وجها ستة في الغيبة وستة في الخطاب وستة في التكلم، لكنه اكتفى بلفظين لعدم الالتباس فبقي أربعة عشر وجها كما سيجيء "وإنما بني الماضي لفوات موجب الإعراب فيه" وهو توارد المعاني المختلفة

<<  <   >  >>