للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

المعاني عليه "وبنى على الحركة" مع أن الأصل في البناء السكون؛ لأنه ضد الإعراب كما أن الحركة ضد السكون والأصل في الإعراب الحركة لتدل كل حركة على معنى من المعاني الموجبة للإعراب فأعطى السكون للبناء تحقيقا للتضاد بينهما "لمشابهته بالاسم" في الجملة يعني "في وقوعه صفة للنكرة" وهي ما وضع لشيء لا بعينه كرجل "نحو مررت برجل ضرب أو" مررت برجل "ضارب" قدم ضرب للاهتمام بوقوعه صفة للنكرة وإن كان الأصل فيه الاسم "وبنى على الفتح لأنه" أي الفتح "أخو السكون؛ لأن الفتحة جزء الألف" لما تقرر من أن الألف مركب من الفتحتين "والألف أخو السكون" يعني أن بين الفتح والسكون مناسبة وبين الألف والسكون مناسبة أيضا؛ لأن الألف ملزوم السكون؛ لأنه ساكن أبدا فيكون بين الفتح والسكون مناسبة وحيث تعذر السكون صير إلى ما يناسبه من الحركات عملا بالأصل بقدر الإمكان، ولا يرد على هذا نحو ضربوا وضربن ودعا؛ لأن أحكامها مذكورة بعد هذا، وقوله: "ولم يعرب الماضي" إشارة إلى سؤال وهو أن المستقبل أعرب مع فوات موجب الإعراب فيه، ولم يعرب الماضي، ولو كان سبب بناء الفعل انتفاء موجب الإعراب فيه لوجب أن لا يعرب المستقبل لانتفائه فيه أيضا وأجاب بقوله: "لأن اسم الفاعل لم يأخذ منه" أي من الماضي "العمل" أي لم يعمل إذا كان بمعناه؛ لأن عمله مشروط بكونه بمعنى الحال أو الاستقبال بدليل الاستقراء وحكمه أن اسم الفاعل يشبه المستقبل صورة ومعنى لموافقته له في ذلك، وإذا كان بمعنى الماضي لم يكن موافقا للمضارع في المعنى ولا للماضي في اللفظ يعني لا يكون موافقا في المعنى لما كان موافقا له في اللفظ، ولا يكون موافقا في اللفظ لما كان موافقا له في المعنى فسقطت قوة المشابهة وضعفت في كلا الجانبين حاله فلم يعمل، ولما لم يأخذ منه العمل لم يعطه الإعراب "بخلاف المستقبل" فإنه أعرب وإن كان موجب الإعراب فائتا فيه "لأن اسم الفعل أخذ منه العمل" أي يعمل إذا كان بمعناه "فأعطى" اسم الفاعل "الإعراب له" أي للمستقبل واللام في له زائدة "عوضا" أي لأجل العوض عما أخذ "منه" وهو العمل أو من جهة العوض "أو" تقول بنى الماضي وأعرب المستقبل مع فوات موجب الإعراب فيهما "لكثرة مشابهته له" ولما فهم من ظاهر كلامه أن المقصود الأصلي بيان سبب إعراب المضارع وأن بيان سبب بناء الماضي استطراد مع أن الحال على العكس كما أشرنا إليه فسر كلامه متدرجا في التنزل في شأن المشابهة فقال "يعني يعرب المضارع" وإن كان موجب الإعراب فائتا فيه "لكثرة مشابهته اسم الفاعل" حيث يشابهه في الحركات والسكنات ووقوعه صفة لنكرة وخبرا للمبتدأ ودخول لام اسم الفاعل مع فوات موجب الإعراب فيه نظرا إلى إعراب المضارع لمشابهته الكثيرة باسم الفاعل، وقوله لقلة باعتبار


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
عليه من الفاعلية والمفعولية والإضافية فإن الفعل لا يقع فاعلا ولا مفعولا ولا مضافا إليه كما بين في النحو، وبهذا الدليل حكموا بأن الأصل في الأفعال كلها البناء، وأصل البناء السكون، وإنما أعرب منها ما أعرب كالمضارع لعارض وهو المشابهة التامة للمعرب كما بينه المصنف، هذا هو المراد في هذا المقام وبعض الشارحين قالوا المراد بموجب الإعراب المشابهة التامة لا الفاعلية والمفعولية والإضافة وإلا يلزم أن يكون المضارع مبنيا أيضا لقصور نظرهم عن إحاطة المراد فتدبر "وبني على الحركة" مع أن الأصل في البناء السكون لأنه ضد الإعراب وأصله الحركة وضد الحركة السكون "لمشابهته بالاسم" أي اسم الفاعل "في وقوعه" موقعه في كونه "صفة للنكرة" يعني كما أن اسم الفاعل يقع صفة للنكرة يقع الماضي أيضا صفة لها "نحو مررت برجل ضرب أو ضارب" وقيل: بني الماضي على الحركة لوقوعه موقع المضارع، وهذا الكلام مبني على أن المضارع معرب بالأصالة لا بالمشابهة، كما هو مذهب الكوفيين وستطلع عليه، نحو: مررت برجل ضرب ويضرب "وعلى الفتح" إذا كان مع غير الضمير المتحرك وغير الواو؛ لأنه مع الأول ساكن ومع الثاني مضموم كما يجيء "لأنه" أي الفتح "أخو السكون" أي لا يفارقه، بل يقارنه ويلازمه ذلك "لأن الفتحة جزء الألف" وهو ساكن أبدا وجزء الساكن ساكن، وقيل إنما خص بالفتح لثقل الفعل لفظا؛ إذ لا تجد فعلا ثلاثيا ساكن الأوسط بالأصالة، ومعنى لدلالته على المصدر والزمان ولطلبه المرفوع دائما والمنصوب كثيرا، ولما توجه أن يقال: إن الفعل إذا شابه الاسم المعرب يكون معربا كما في المضارع وأنتم قلتم: إن الماضي يشبه اسم الفاعل وهو معرب، فلِمَ لَمْ يعرب؟ أجاب عنه بقوله: "ولم يعرب لأن اسم الفاعل لم يأخذ منه العمل" يعني أن مجرد المشابهة لا يكفي في كون الفعل معربا، بل لا بد فيه من شرط آخر وذلك الشرط إما أن يأخذ الاسم المعرب الذي شابه الفعل العمل منه، وإما أن تكون تلك المشابهة تامة فإن كان الشرط الأمر الأول لم يعرب الماضي لانتفائه فيه "بخلاف المستقبل؛ لأن اسم الفاعل أخذ منه العمل" فوجد هذا الشرط فيه "فأعطي الإعراب له عوضا عن العمل" الذي أخذ هو منه وإن كان الشرط الثاني لم يعرب الماضي أيضا لانتفائه فيه بخلاف المستقبل وإليه أشار بقوله: "ولكثرة" وجوه "مشابهته له" أي للاسم من حيث اللفظ والمعنى كما سيجيء في بابه، ولما كان هذا كلاما إجماليا فصله وفسره بقوله: "يعني يعرب المضارع لكثرة مشابهته للاسم" مع قطع النظر عن أخذه العمل منه "وبني الماضي" على الحركة "لقلة مشابهته له" لأنها من جهة وقوعه صفة للنكرة فقط فينتفي الشرط فلم يعرب، بل على بني الحركة قال الفاضل الرضي: المضارع لما شابهه بالمشابهة التامة استحق الإعراب، والماضي لمشابهته الناقصة استحق البناء على

<<  <   >  >>