"الباب الرابع": من الأبواب السبعة المذكورة في الخطبة "في اللفيف": وهو في اللغة ما اجتمع من الناس من قبائل شتى، ومنه قوله تعالى: {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} ؛ أي مجتمعين مختلطين ثم نقله أرباب هذا الفن إلى هذا المعنى، وهو ما فيه حرفا علة لاجتماع الحرفين المعتلين في ثلاثية، وهذا معنى قوله يقال له لفيف للف حرفي العلة فيه "وهو"؛ أي اللفيف "على ضربين" أحدهما "مفروق و" الآخر "مقرون" وهذا حصر عقلي؛ لأن حرفي العلة في الكلمة الثلاثية، إما أن يتوسط بينهما حرف صحيح أو لا، فإن كان الأول يسمى مفروقا لوجود الفارق بينهما، وإن كان الثاني يسمى مقرونا "المفروق" قدمه لكون فائه حرف علة وهو مقدم على العين، وبعضهم قدم المقرون نظرا إلى كثرة أبحاثه بالنسبة إلى المفروق ولكل وجهة، والقسمة العقلية تقضي أن يكون للمفروق أربعة أقسام؛ لأن حرف العلة اثنان واو وياء وموضعهما اثنان أيضا الفاء واللام والاثنان في الاثنين بأربعة، لكن ليس في كلامهم من هذا النوع ما فاؤه ياء إلا يديت بمعنى أنعمت، فالفاء فيما عداه واو لا غير واللام لا يكون إلا ياء؛ لأنه ليس في كلامهم فعل فاؤه واو ولامه واو، فانحصر باستقراء كلامهم في قسم واحد وهو ما فاؤه واو ولامه ياء لا يجيء إلا من ثلاثة أبواب باستقراء كلامهم؛ علم يعلم حسب يحسب ضرب يضرب، فالأول مثل وجي يوجى والثاني مثل ولي يلي والثالث "مثل وقى يقي وحكم فائهما؛ أي فاء الماضي والمضارع "كحكم" فاء الماضي والمضارع من "وعد يعد" فكما لا يعل الفاء من المثال الواوي في الماضي لا يعل فاء اللفيف المفروق في الماضي أيضا، وكما يعل الفاء بالحذف في المضارع من المثال الواوي إذا كان مكسور العين لوقوعها بين ياء وكسرة يعل الفاء بالحذف أيضا في المضارع من اللفيف المفروق إذا كان مكسور العين لوقوعها بين ياء وكسرة؛ لأن اللفيف المفروق مثال باعتبار الفاء كما يكون ناقصا باعتبار اللام، ولهذا قال المصنف "وحكم لامهما"؛ أي لام الماضي والمضارع "كحكم رمى يرمي"؛ أي كما يعل حرف العلة بقلبها ألفا في الماضي من الناقص إذا كان مفتوح العين لتحركها وانفتاح ما قبلها، كذلك يعل حرف العلة بقلبها ألفا في الماضي من اللفيف إذا كان مفتوح العين لذلك وكما يسكن الياء في المضارع من الناقص إذا كان مكسور العين لثقل الضمة على الياء، كذلك يسكن في المضارع من اللفيف لثقل الضمة عليها "وكذلك"؛ أي كحكم الماضي والمضارع "حكم أخواتهما" من التثنية والجمع ومن الأمر والنهي واسم الفاعل والمفعول والمكان والزمان والآلة "الأمرق"؛ أي الأمر من وقى يقي يجيء على حرف واحد للمفرد المذكر، وذلك لأنك قد عرفت أن اللفيف المفروق كالمثال فاء وكالناقص لاما، فحذفت الواو من يوقي كما حذفت من يوعد فبقى يقي، ثم حذف حرف المضارعة للأمر فحذفت الياء أيضا علامة للجزم، كما تحذف من ارم علامة له فلا جرم يبقى على حرف واحد وهو القاف المكسورة، ولذلك يجب إلحاق هاء السكت في آخره عند الوقف لئلا يكون الابتداء والوقف على حرف واحد وقس عليه "قياقواقي قياقين وتقول" في الأمر "بنون التأكيد" المثقلة "قين" بفتح الياء "قيان قن" بضم القاف وحذف الواو "قن" بكسر القاف وحذف الياء "قيان قينان و" تقول "بالخفيفة قين قن" بضم القاف "بكسر القاف اسم "الفاعل واق" أصله واقي فأعل كإعلال رام واقيان واقون واقية واقيتان واقيات وأواق "و" اسم "المفعول موقى" بكسر القاف وتشديد الياء أصله موقوي فاجتمع الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء فأدغمت ثم كسرت القاف لأجل الياء كما في مرمى موقيان موقيون موقية موقيتان موقيات ومواقي "و" اسم "الوضع موقى" بفتح القاف أصله موقي بتنوين الياء فأعل كإعلال مرمى، وإنما فتحوا العين في الموضع من اللفيف سواء كان عين مضارعه مفتوحا أو مكسورا أو مضموما كما في الناقص، ولم يكسروها كما في المثال مع أن اللفيف كالمثال فاء كما يكون كالناقص لاما لخفة الفتحة بالنسبة إلى الكسرة