المتصل من أن المتكلم يرى في أكثر الأحوال أو يعلم بصوته أنه مذكر أو مؤنث، وتحريك النون لالتقاء الساكنين، وضمه إما لكونه ضميرا مرفوعا، وإما لدلالته على المجموع الذي حقه الواو، وأما أنت إلى أنتن فالضمير عند البصريين أن وأصله أنا وكأن أنا عندهم ضمير صالح لجميع المخاطبين والمتكلم فابتدءوا بالمتكلم، وكان القياس أن يبينوه بالتاء المضمومة نحو أنت إلا أن المتكلم لما كان أصلا جعلوا ترك العلامة له علامة وبينوا المخاطبين بتاء حرفية بعد أن، ومذهب الفراء أن أنت بكماله اسم والتاء من نفس الكلمة، ومذهب بعض الكوفيين وابن كيسان أن الضمير التاء المتصرفة كما كانت عند الاتصال، لكنهم لما أرادوا انفصالها دغموها بأن لتستقل لفظا "والأصل في هو أن يقال" في تثنيته "هوا" وفي جمعه "هووا" كما يقال ضربا ضربوا. اعلم أن الواو في هو والياء في هي من أصل الكلمة لا للإشباع عند البصريين؛ لأن حرف الإشباع لا يتحرك، وأيضا لا يثبت حرف الإشباع إلا ضرورة، وأما عند الكوفيين هما للإشباع والضمير الهاء وحدها بدليل التثنية والجمع فإنك تحذفهما فيهما، وأنت تعلم أن ما ذكره البصريون من الدليلين حجة على الكوفيين وحذفهما في التثنية والجمع لا ينافي كونهما من أصل الكلمة، فالقياس عند البصريين أن يقال في التثنية والجمع هوا هووا "ولكن جعل الواو ميما في الجمع لاتحاد مخرجهما" وهو الشفة "واجتماع الواوين" واو الضمير والواو الذي هو جزء الضمير واجتماعهما غير جائز؛ لأن الواو أثقل حروف العلة مع أن الأول مضموم فاجتماعهما في غاية الثقل "فصار همو ثم حذفت الواو لما مر" أي لعلة مذكورة "في ضربتمو" وهو أنه لا يوجد اسم آخره واو ما قبلها مضموم وأسكنت الميم؛ لأن ضمها لأجل الواو فصار هم "وحملت التثنية عليه" في جعل الواو ميما فصارت هما "وقيل" جعلت الواو في التثنية ميما "حتى يقع الفتحة على الميم القوي" لا على الواو الضعيف هذا بيان لما في الكتاب. وقال الفاضل الرضي: وكان القياس في المثنى والمجموع على مذهب البصريين هوما وهيما وهوم وهين فخفف بحذف الواو والياء، والكلام في زيادة الميم وحذف الواو في جمع المذكر وزيادة النونين في جمع المؤنث على ما ذكرنا في المتصل سواء انتهى عبارته؛ يعني زيدت الميم في التثنية لدفع التباس ألف التثنية بألف الإشباع، وفي الجمع لدفع التباس واو الجمع بواو الإشباع، وحذفت واو الجمع في همو؛ لأنه لا يوجد اسم آخره واو ما قبلها مضموم وزيدت في هن نون مشددة لتكون بإزاء الميم واو أو في المذكر فتبصر "وأدخل الميم في أنتما لما مر في ضربتما" يعني أن القياس أيضا في تثنية أنت وجمعه أنتا وأنتو لكن لما التبس ألف التثنية بألف الإشباع في أنتا أدخل الميم فيه لدفع الالتباس، كما في ضربتما فصار أنتما وعلة تعيين الميم بالزياد لدفع الالتباس قد مرت "وحمل الجمع عليه" في زيادة الميم فصار أنتموا فحذفت الواو لما مر وأسكنت الميم فصار أنتم "ولا تحذف واو هو" مع أن القياس الحذف؛ لأنه اسم آخره واو ما قبلها مضموم.