الخمسة المذكورة "دون غيرها" من المواضع "لوجود الدليل" للاستتار فيها دون غيرها "وهو عدم الإبراز بعد" أن لم يكن مظهرا، يعني أن الفعل لا بد له من فاعل، وهو إما مظهر أو مضمر بارز أو مضمر مستتر فحيث لم يوجد الأول والثاني وجب الحكم بالاستتار لئلا يبقى الفعل بلا فاعل، وهذا القدر كاف في الاستدلال في الكل لكنه أراد التفصيل "و" قال "في مثل ضرب" أي الدليل عدم الإبراز في مثل: ضرب "والتاء في مثل ضربت والياء في مثل: يضرب والتاء في مثل: تضرب" وأنت تعلم أن التاء في ضربت وفي تضرب والياء في يضرب لا يدلان على الاستتار "والهمزة في مثل أضرب والنون في مثل نضرب" أي الهمزة بالهمزة والنون بالنون كما مر "وهي" أي التاء والياء والهمزة والنون "حروف" مضارعة "ليست بأسماء" وضمائر؛ إذ لو كانت ضمائر لكانت فاعلة فلا يمكن الاستتار لاجتماع الفاعلين وحينئذ قوله "والصفة في مثل ضارب ضاربان ضاربون" مرفوع طفا على عدم أي دليل الاستتار عدم الإبراز والصفة وأنت تعلم أن هذا الكلام لا معنى له يعتد به، وقد وقع في بعض النسخ وفي الصفة وهو سهو "ولا يجوز أن يكون تاء ضربت" بسكون التاء ضميرا "كتاء ضربت" بالحركات الثلاث، أي كما يكون تاء ضربت ضميرا "لوجود عدم حذفها بالفاعلة الظاهرة نحو: ضربت هند" يعني لو كان ضميرا لكان فاعلا فلو لم يحذف مع الفاعل الظاهر يلزم اجتماع الفاعلين وهو غير جائز فهو غير ضمير، وهذا ما وعده في صدر الفصل بقوله: وهذه التاء ليست بضمير كما يجيء "ولا يجوز أن يكون ألف ضاربان ضميرا" وكذا الواو في ضاربون، وكذا الألف والواو في اسم المفعول والصفة المشبهة نحو: مضروبان ومضروبن وحسنان وحسنون، وبالجملة لا يجوز أن يكون الألف والواو في تثنية الصفات وجمعها ضميرا "إلا أنه يتغير في حال النصب والجر" أي يقلبان ياء نحو: لقيت ضاربين "والضمير" الذي هو الفاعل "لا يتغير" بالعوامل الداخلة على عامله "كألف يضربان" فإنه لا يتغير هو بالحروف الناصبة والجازمة، نحو: لن يضربا ولم يضربا، وأيضا إن الألف والواو في مثنيات الأسماء الجامدة وجموعها كالزيدان والزيدون حروف بلا ريب زيدت للمثنى والمجموع، فجعلت مثنيات الصفات ومجموعها على نهج مثنيات الجامدة ومجموعها؛ لأن الصفات فروع الجامدة لتقدم الذوات على صفاتها فصارت الألف والواو فيها علامتي المثنى والجمع فقط لا ضميرا لهما "والاستتار واجب" اعلم أن استتار الضمير بمعنى عدم الإبراز عند اتصاله واجب في جميع المواضع الخمسة المذكورة، وأما استتار الفاعل المضمر بمعنى أنه لا يجوز إظهار الفاعل ولا إبرازه، بل يكون مستترا أبدا ففي أربعة أفعال "في مثل أفعل" أي في أمر المخاطب "وتفعل" أي في المخاطب المفرد، ولعل النهى يندرج فيه، وإلا لم ينحصر وجوب الاستتار في الأربعة المذكورة "وأفعل ونفعل" أي في المتكلم وحده ومع غيره "لدلالة الصيغة" في الأربعة كلها