"ولكن لا يسكن" التاء "في غائبة المستقبل" كما تسكن في غائبة الماضي "لضرورة الابتداء بالساكن" أي لتعذره بخلاف الماضي؛ لأن التاء فيه في الآخر "ولا يضم" أي غائبة المستقبل فرقا بينهما "حتى لا يلتبس بالمجهول في مثل تمدح" يعني لو ضمت التاء يلتبس المعلوم بالمجهول في الأفعال التي عينها مفتوح، فلو قيل تمدح أو تعلم بضم التاء لم يعلم أنه مجهول أو معلوم غائبة ضمت تاؤها فرقا بينها وبين المخاطب "ولا يكسر أيضا حتى لا يلتبس بلغة تعلم" في الفعل الذي عين ماضيه أو همزته مكسورة، وأما في غيره فللحمل عليه "فإن قيل يلزم الالتباس أيضا بالفتحة" فلم اختير "قلنا في الفتحة موافقة بينهما وبين أخواتها" يعني وإن لزم الالتباس بالفتح أيضا، لكن فيه فائدة وهو الموافقة بينها وبين أخواتها في كونه كل واحد منها مفتوحا "مع خفة الفتحة" ولما لم يكن الفرق بينهما لفظا أبقيا على حالهما واكتفى بالفرق التقديري، وذلك أن تاء الغائبة تاء التأنيث في الماضي لكنها قدمت للالتباس، فلم تكن مبدلة من شيء بخلاف التاء في المخاطب، فإنها مبدلة من الواو كما مر، وأيضا يفرق بينهما بما تحتهما، فإن الغائبة يستتر تحتها هي والمخاطب يستتر تحته أنت وقس على مفرديهما تثنيتهما في الوجهين "وأدخل في آخر المستقبل" إذا كان تثنية وجمعا مطلقا ومخاطبة مفردة "نون" بعد ضمير التثنية والجمع نحو: يضربان ويضربون، وإنما قال في آخر المستقبل؛ لأن الضمير كالجزء من الفعل وعينت النون بالزيادة مع أن الأصل أن يزاد من حروف المد لعدم إمكان زيادتها وهو ظاهر وقرب النون منها في خروجها عن هواء الخيشوم كما مر "وعلامة للرفع؛ لأن آخر الفعل" في الحقيقة صار "باتصال ضمير الفاعل بمنزلة وسط الكلمة" بناء على أن الضمر كالجزء من الفعل، وحاصله أنه لما كان المستقبل معربا ومرفوعا بعامل معنوي وأصل الإعراب بالحركات ولم يمكن ذلك في آخر التثنية والجمع والمخاطبة حقيقة بسبب اتصال الضمائر لها؛ لأنه صار آخر الفعل حينئذ بمنزلة وسط الكلمة وهو لا يكون متعقب الإعراب ولا الضمائر أوجبت كون ما قبلها على وجه واحد فما قبل الألف مفتوح أبدا وما قبل الواو مضموم أبدا وما قبل الياء مكسور أبدا ولم يمكن أيضا أن يجعل الضمائر حروف الإعراب؛ لأنها في الحقيقة ليست من نفس الكلمة ولأنها يلزم حينئذ سقوطها بالجوازم وسقوط العلامة غير جائز، ولم يكن أيضا الحركة على الضمائر نفسها؛ لأنها أسماء فلا يعرب بإعراب الفعل؛ إذ لا يجوز جعل كلمة محلا لإعراب كلمة أخرى ولأنها مبنية فلم تكن متعقب الإعراب ولأن فيها ما لا يقبل الحركة ألبتة وهو الألف وفيها ما تستثقل وهو الواو والياء لزم زيادة حروف تنوب مناب الحركة في المفرد فأولى الحروف بها النون لما ذكرنا آنفا فهي عوض عن الضمة فحيث ثبت الضمة ثبت النون، كما في حال الرفع سقط الضمة سقط النون أيضا، كما في حال الجزم والنصب، وإنما اختصت النون بحال الرفع؛ لأنه أول أحوال الإعراب وكل ذلك مبين في النحو قوله