"في قول الشاعر: فمثلك" بكسر الكاف وجر اللام؛ لأن الفاء عمل عمل رب فتقديره فرب مثلك؛ أي رب امرأة تلك "حبلى" وهي امرأة ذات حمل وهو مجرور تقديرا على أنه صفة؛ لأن المثل لا يتعرف بالإضافة لتوغله في الإبهام كما بين في النحو "قد طرقت" طرق بمعنى جاء ليلا من باب دخل وضمير المفعول محذوف راجع إلى حبلى؛ أي طرقتها بمعنى جئت إليها ليلا، وهو عامل رب المقدر قوله: "ومرضع" عطف على حبلى؛ أي امرأة لها ولد ترضعه فإذا وصفتها إرضاع الولد مرضعة "فألهيتها" أي أشغلتها الضمير يرجع إلى حبلى وإلى مرضع باعتبار كل واحدة منهما "عن ذي تمائم" أي عن صبي ذي تمائم والتمائم جمع تميمة، وهي تعاويذ تعلق على صدر الإنسان، وقد نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: "من علق تميمة فلا أتم الله له" وقيل: هي خرزة، وأما المعاذات إذا كتب فيه القرآن وأسماء الله تعالى فلا بأس بها "محول" اسم فاعل من أحال؛ أي أتى عليه حول كامل وهو صفة ذي تمائم والبيت للهجاء فحاصل كلامهم أن حرف المضارعة مقدر في أمر المخاطب فيكون معربا به، واللام مقدرة أيضا فيكون مجزوما به، فهم لا يفرقون بين المقدر والملفوظ، وقد أجاب الزمخشري عنه فقال الكوفيون هو مجزوم بلام مقدرة، وهذا خلف من القول؛ لأن حرف المضارعة هو علة الإعراب فانتفى بانتفائه كانتفائه في الاسم بانتفاء سببه، فإن زعموا أن حرف المضارعة مقدر فليس بمستقيم؛ لأن حرف المضارعة من صيغة الكلمة كالميم في اسم الفاعل فكما لا يستقيم تقدير الميم فكذا تقدير حرف المضارعة، وهذا حاصل ما ذكره المصنف بقوله: "وعند البصريين" إلى آخر الدليل يعني أمر المخاطب المعلوم عند البصريين "مبني" على السكون لا معرب مجزوم؛ لأن الأصل في الأفعال "البناء" لعدم توارد الفاعلية والمفعولية الإضافة عليها وأصل البناء السكون "وإنما أعرب المضارع منها لمشابهة" تامة عارضة "بينه وبين الاسم" كما مر وبني الماضي على الحركة لقلة المشابهة "ولم تبق المشابهة" أصلا "بين الأمر" المخاطب "وبين الاسم وبحذف حركة المضارعة منه" فرجع إلى أصل بنائه الذي هو السكون، لكنه يعامل معاملة المجزوم في إسقاط الحرف من المفرد الصحيح، نحو: اضرب كما يقال: لم تضرب، وفي إسقاط الحركة من الناقص والأجوف، نحو: ارم وقل كما يقال: لم ترم ولم تقل، وفي إسقاط النون في التثنية والجمع والمفرد المؤنث، نحو: اضربا اضربوا اضربي كما يقال: لم تضربا لم تضربوا لم تضربي، قال الفاضل الرضي: والذي غر الكوفيين حتى قالوا: إنه مجزوم والجازم مقدر معاملة آخر معاملة المجزوم "ومن ثم" أي ومن أجل أن حروف المضارعة سبب الإعراب وجودا وعدما "قيل فلتفرحوا معرب" مع أنه أمر المخاطب "بالإجماع لوجود علة الإعراب وهي حرف المضارعة" ولما فرغ من بيان نفس صيغة الأمر وكيفية أخذه من المضارع شرع فيما يتعلق به وبما يناسبه في كونه طلبا من اتصال نوني التوكيد وكيفية بناء آخره عند اتصالهما فقال: "وزيدت في آخر الأمر" مخاطبا كان أو غائبا معلوما كان أو مجهولا "نونا التأكيد" إحداهما مثقلة متحركة والأخرى مخففة