للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

وإنما لم يذكرهما اكتفاء بذكر المستقبل؛ لأن صورتهما لما كانت صورته استغنى بذكره عنهما؛ إذ يعلم من الاشتراك في الصورة أن مجهولهما مثل مجهوله "والغرض من وضعه"؛ أي من وضع المجهول وإقامة المفعول مقام الفاعل "إما" التبيين "لخساسة الفاعل" وإظهار لها فإن نفس خساسة الفاعل لا تصح أن تكون غرضا من وضع المجهول وإقامة المفعول مقام الفاعل، بل منها إنما هو تبيين لخساسته وإظهار لها نحو: شُتم الأمير، إذا كان الشاتم شخصا خسيسا غير كفء للأمير، فيجعل ترك الفاعل تطهيرا للسان عنه "أو" تبيين "لعظمته" نحو ضُرِب اللص فيجعل تركه تطهيرا له عن اللسان "أو" تبيين "لشهرته" خوفا عليه "أو تبيين لجهالته" لذلك الفعل بحيث لا يتصور صدوره إلا عنه نحو: خُلِق الإنسان "واختص" المجهول "بصيغة فُعِل" بضم الفاء وكسر العين "في الماضي؛ لأن معناه"؛ أي معنى المجهول "غير معقول وهو إسناد الفعل إلى المفعول" والمعقول إسناد الفعل لمن صدر عنه أعني الفاعل "فجعل صيغته أيضا"؛ أي كمعناه "غير معقولة وهي فعل" ليناسب اللفظ المعنى، وقيل: إنما غير صيغة الفعل بعد حذف الفاعل؛ إذ لو لم يفعل لالتبس المفعول المرفوع لقيامه مقام الفاعل بالفاعل، وإنما اختير للمفعول هذا الوزن الثقيل دون المبني للفاعل؛ لكونه أقل استعمالا منه، وإنما غير الثلاثي في المجهول إلى وزن فعل دون سائر الأوزان لكونه معناه قريبا في الأفعال؛ إذ الفعل من ضرورة معناه ما يقوم به فلما حذف منه ذلك خيف أن يلحق في أوله وهلة النظر بقسم الأسماء فيحمل على وزن لا يكون في الأسماء، ولو كسر الأول وضم الثاني يحصل هذا الغرض إلا أن الخروج من الكسرة إلى الضمة أثقل من العكس؛ لأن الأول طلب ثقل بعد الخفة بخلاف الثاني "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن صيغته فعل غير معقول "لا يجيء على هذه الصيغة كلمة في الأسماء" أصلا في كلام العرب "إلا وُعِل" بضم الواو وكسر العين وهو معز الجبل "ودُئل" بالضم والكسر أيضا وهو دويبة تشبه ابن العرس ولو كانت هذه الصيغة معقولة لشاعت في كلامهم "و" يجيء المجهول "في المستقبل على يُفعَل" بضم حرف المضارعة وفتح ما قبل الآخر "لأن هذه الصيغة غير معقولة أيضا؛ لأنها" أعني يفعل "مثل فعلل" بضم الفاء وسكون العين وفتح اللام الأولى "في الحركات والسكنات ولا يجيء عليه"؛ أي على فعلل "كلمة" في كلامهم "أيضا"؛ أي كما لا يجيء على


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
ضد الفاعل في المعنى فكيف يجوز أن يقام مقامه ويرتفع ارتفاعه، أجيب بأن للفعل طرفين طرف الصدر وهو الفاعل وطرف الوقوع وهو المفعول، فهما متناسبان من حيث إن كل واحد منهما طرف للفعل وبهذه المناسبة جاز وقوع المفعول مقام الفاعل "والغرض من وضعه"؛ أي المجهول "إما لخساسة الفاعل" حق العبارة أن يقال: إما خساسة الفاعل بحذف اللام منه ومما عطف عليه أو يقال: وضعه إما لخساسة الفاعل بحذف الغرض وإثبات اللام فيه وفيما عطف عليه؛ يعني قد يكون الفاعل حقير بالنسبة إلى المفعول فيحذف لتطهير اللسان عن ذكره وأسند الفعل إلى مفعوله؛ لئلا يبقى الفعل بلا مسند إليه نحو: شُتم الخليفة؛ أي شتم الفاسق الخليفة، "أو لعظمته" بالنسبة إلى المفعول فيحذف لتطهيره عن لسانك نحو: عُوقب اللص؛ أي عاقب السلطان "أو لشهرته" عند السامع فيكون ذكره عبثا في الظاهر "أو خوفا عليه"؛ أي على الفاعل نحو قُتل عمرو؛ أي قتل زيد عمرا، فلو لم يحذف الفاعل يعلم أن زيدا قاتل فيقتص منه فيحذف إيهاما بأن القاتل غير معلوم، ولما فرغ من ذكر علل حذف الفاعل في المجهول شرع في ذكر علة العدول من صيغة إلى صيغة فقال: "واختص"؛ أي المجهول "بصيغة فعل" بضم الفاء وكسر العين "في الماضي" من الثلاثي المجرد؛ يعني لما وجب تغيير صيغة الفعل بعد حذف الفاعل لئلا يلتبس المفعول الذي أقيم مقام الفاعل بالفاعل اختير هذا الوزن الثقيل في المجهول دون المعلوم؛ لكون المجهول أقل استعمالا منه للفرق بينهما، واختير ذلك الوزن الذي هو فعل دون سائر الأوزان "لأن معناه"؛ أي معنى المجهول "غير معقول"؛ أي بعيد في قسم الأفعال قوله: "وهو إسناد الفعل إلى المفعول" بيان يفيد التعليل فتقدير الكلام أن معنى المجهول بعيد في الأفعال؛ لأنه إسناد الفعل إلى المفعول وإسناد الفعل إلى المفعول بعيد؛ لأنه خلاف الأصل والظاهر "فجعل صيغته أيضا"؛ أي كمعناه "غير معقولة"؛ أي بعيد في الأسماء، وحاصله أن معنى المجهول لما كان معنى بعيدا في قسم الأفعال، وهو الإسناد إلى المفعول خيف أن يلحق المجهول بقسم الأسماء فجعل صيغته على صيغته لا توجد في الأسماء لئلا يتوهم أنه من قسم الأسماء بسبب بعد معناه عن معنى الفعل، وإذا كان صيغته مما لا توجد في الأسماء علم أنه من الأفعال لا من الأسماء "وهي"؛ أي تلك الصيغة الغير المعقولة "فعل" بضم الفاء وكسر العين، فإن قلت: لو كسر الفاء وضم العين يحصل هذا المقصود؛ إذ لا يوجد في الأسماء هذا الوزن أيضا، قلت: نعم إلا أن الخروج من الكسرة إلى الضمة أثقل من العكس؛ لأن الأول طلب ثقل بعد الخفة بخلاف الثاني "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن هذه الصيغة غير معقولة "لا يجيء على هذه الصيغة كلمة" في كلام العرب "إلا وُعِل" وهو معز الجبل "ودُئل" وهو دويبة تشبه ابن العرس "وفي المستقبل" من الثلاثي المجرد "على يفعل" بضم حرف المضارعة وفتح الحروف؛ أي يجيء صيغة المجهول في المستقبل على يفعل "لأن هذه الصيغة مثل فعلل" بضم الفاء وفتح قبل الآخر "في الحركات والسكنات" لا في الحروف الأصول والزوائد "ولا يجيء عليه"؛ أي والحال أنه لا يجيء على وزن فعلل "كلمة" في كلام العرب إلا جندب، وهو ضرب من

<<  <   >  >>