للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

عدم اللزوم. ولما فرغ من تعريف الاشتقاق شرع في تقسيمه فقال "وهو" أي الاشتقاق المعرف "على ثلاثة أنواع" أحدها اشتقاق "صغير وهو" علم "أن يكون بينهما" أي بين اللفظين "تناسب" أي توافق "في الحروف والترتيب" أي ترتيب تلك الحروف وفي المعنى أيضا "نحو" اشتقاق "ضرب" ماضيا "من الضرب" مصدرا "و" ثانيها اشتقاق "كبير وهو" علم "أن يكون بينهما تناسب في اللفظ والمعنى دون الترتيب" سواء كان مع الموافقة في المعنى "نحو" اشتقاق "جبذ من الجذب" وهما متوافقان في المعنى أو مع المناسبة فيه بدون الموافقة نحو ثلم من الثلب والأول الإخلال بالحائط والثاني الإخلال بالعرض فهما متناسبان في المعنى "و" ثالثها اشتقاق "أكبر وهو أن يكون بينهما تناسب في المخرج والمعنى" فإن التناسب في المخرج تناسب في الحروف باعتبار المخرج "نحو" اشتقاق "نعق من النهق" والأول صوت الغراب والثاني صوت الحمار فهما متناسبان في المعنى وتناسبهما في المخرج ظاهر؛ إذ العين والهاء كلاهما من الحلق ويعلم من تعريفاتها وجه الحصر فيها لأنه إن اعتبر الموافقة في الحروف مع الترتيب فهو صغير سمي به لكفاية تأمل قليل في العلم بالاشتقاق فيه بسبب قلة العمل وإن اعتبر الموافقة في الحروف بدون الترتيب فهو كبير لاحتياجه إلى تأمل كثير في العلم بالاشتقاق بسبب كثرة العمل فيه وإن اعتبر عدم تناسب الحروف فهو أكبر لاحتياجه إلى تأمل أكثر في العلم بالاشتقاق بسبب تبدل الحروف فيه. ولما فرغ من تعريف الاشتقاق وتقسيمه إلى أقسامه وتعريف كل قسم منها شرع يبين المراد منه في محل النزاع فقال: "فالمراد بالاشتقاق المذكور ها هنا" أي في قوله وهو أصل في الاشتقاق، وفي قوله واشتقاق تسعة أشياء من كل مصدر "هو اشتقاق صغير" فإنه الكامل والمتبادر عند الإطلاق وإنما كان هو المراد لأن النزاع إنما هو في الأصالة في هذا الاشتقاق. ولما فرغ من بيان مذهب الفريق الأول وتقرير أدلتهم وما يتعلق به من بحث الاشتقاق شرع في بيان مذهب الفريق الثاني فقال


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
والجلوس فإن فعل أحدهما لا يكون مشتقا من الآخر "وهو" أي الاشتقاق المطلق المعرف "ثلاثة أنواع" عند أصحاب هذا الفن إما بالاستقراء أو بالحصر العقلي؛ لأنه إما بالتقديم والتأخير، وإما بالتبديل، وإما بغيرهما. الثالث "اشتقاق صغير وهو أن يكون بينهما" أي بين اللفظين "تناسب في الحروف والترتيب" أي في ترتيب تلك الحروف فإن قلت المطلق إنما يتحصل نوعا بانضمام قيد زائد وها هنا ليس كذلك لأن معنى مطلق الاشتقاق كما حققته تناسب اللفظين في اللفظ والمعنى جميعا ومعنى هذا النوع منه على ما ذكرته تناسب اللفظين في اللفظ فقط؛ لأن التناسب في الحروف والترتيب تناسب لفظي فلا يكون تحصيل النوع بانضمام قيد، بل بانتقاص قيد وهو في المعنى وهو غير جائز بالاتفاق قلت قيد في المعنى محذوف مقدر في هذا التعريف وفي تعريفي النوعين الآخرين أيضا بناء على فهم المبتدي مع أنه لا يتعلق به غرض تحصيل نوع، فإن قلت: فعلى هذا لم يبق بين المطلق وبين النوع منه فرق وهو غير جائز أيضا، قلت: معنى المطلق تناسب اللفظين مطلقا أعم من أن يكون التناسب في الحروف والترتيب جميعا وأن يكون في الحروف فقط أو أن يكون في مخرج الحروف، وكل من هذا التناسب الثلاثة تناسب خاص فافتر قائم إن تحقق ذلك المطلق في ضمن الخاص الأول صار نوعا من الاشتقاق المطلق يسمى صغيرا لكونه معلوما بأدنى تأمل بسبب اشتراكهما في الحروف وترتيبها "نحو" اشتقاق "ضرب من الضرب" وإن تحقق في ضمن الثاني صار نوعا آخر منه يسمى كبيرا لكونه معلوما بتأمل قوي لعدم اشتراكهما في الترتيب، وإن تحقق في الثاني صار نوعا ثالثا منه يسمى أكبر لكونه معلوما بتأمل أقوى لعدم اشتراكهما في نفس الحروف. اعلم أنهم عرفوا الاشتقاق الصغير بالقطاع فرع من أصل يدور في تصاريفه مع ترتيب الحروف وزيادة المعنى "و" الأول وهو ما يكون بالتقديم والتأخير اشتقاق "كبير وهو أن يكون بينهما في اللفظ والمعنى" حق العبارة أن يكون في الحروف "دون الترتيب" كما يعرفه الذوق السليم من سياق الكلام لكنه تسامح بناء على ظهور المراد "نحو" اشتقاق "جبذ" بتقديم الباء "من الجذب" بتأخيره وفي تعريف هذا النوع وفي النوع الأخير أيضا ما في تعريف النوع المتقدم من السؤال والجواب تدبر. قيل الكبير أن يكون بين كلمتين تناسب في اللفظ والمعنى فهو أعم من أن يكون اسمين أو فعلين أو أحدهما اسما والآخر فعلا أو مجرد دين أو مزيدين أو أحدهما مجردا والآخر مزيدا وأن يزيد معنى المشتق أولا وأن يترتب الحروف أولا "و" الثاني وهو ما يكون بالتبديل اشتقاق "أكبر وهو أن يكون بينهما تناسب في المخرج" دون نفس حروف اللفظ "نحو" اشتقاق "نعق من النهق" بإبدال العين من الهاء "والمراد من الاشتقاق" المتنازع فيه بين الفريقين "المذكور" في قولنا: وهو أصل في الاشتقاق "ها هنا اشتقاق صغير" قيل: وأما غيره فيجوز أن يجعل كل منها أصلا بالاتفاق، فإن قلت: فما الفائدة حينئذ في تعريف مطلق الاشتقاق ثم تقسيمه إلى ثلاثة أنواع، قلت: الفائدة زيادة اتضاح المراد عند المبتدي وتميزه فضل تميز إذ معرفة حقيقة النوع إنما هي بمعرفة جنسه وفصله، ويمكن أن يقال المراد من الاشتقاق المطلق المذكور المعرف اشتقاق صغير على معنى أن الغرض من تعريف الاشتقاق المطلق معرفة الاشتقاق الصغير على حذف المضاف في الموضعين

<<  <   >  >>