هل تجد فيها إن اللَّه يبغض الحبر السمين، وكان حبرا سمينا، فغضب وقال: واللَّه ما أنزل اللَّه على بشر من شيء. وهذا أخرجه الواحدي في أسباب النزول له من طريق سعيد بن جبير أن النبي ﷺ قال لمالك بن الصيف، فذكره، وكذلك أخرجه الطبري في تفسيره من رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير مرسلا، وعزاه القرطبي أيضا للحسن البصري. وعند أبي نُعيم في الطب النبوي له من طريق بشر الأعور، قال: قال عمر بن الخطاب ﵁: إياكم والبطنة في الطعام والشراب، فإنها مفسدة للجسد، مورثة للفشل، مكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقصد فيهما، فإنه أصلح للجسد، وأبعد من السرف، وإن اللَّه ليبغض الحبر السمين. ونقل الغزالي عن ابن مسعود أنه قال: إن اللَّه يبغض القاري السمين. بل عزاه أبو الليث السمرقندي في بستانه لأبي أمامة الباهلي مرفوعا، ولكن ما علمته في المرفوع، نعم عند أحمد والحاكم في مستدركه، والبيهقي في الشعب، من حديث جعدة الجشمي، أنه ﷺ نظر إلى رجل سمين فأومأ إلى بطنه بأصبعه. وقال: لو كان هذا في غير هذا لكان خيرا لك، وسنده جيد. وقد أفردت لهذا الحديث جزءا فيه نفائس.
وقد أورد البيهقي في مناقب الشافعي من طريق الحسين بن إدريس الحلواني عنه أنه قال: ما أفلح سمين قط إلا أن يكون محمد بن الحسن. فقيل له: ولم؟ قال: لأنه لا يعدو العاقل من إحدى حالتين: إما أن يهتم لآخرته ومعاده، أو لدنياه ومعاشه، والشحم مع الهم لا ينعقد، فإذا خلا من المعنيين صار في حد البهائم فينعقد الشحم. ثم قال الشافعي ﵀: كان ملك في الزمان الأول وكان مثقلا كثير اللحم، لا ينتفع بنفسه، فجمع المتطببين وقال: احتالوا لي حيلة تخفف عني لحمي هذا قليلا، فما قدروا له على صفة، قال: فنعت له رجل عاقل، أديبٌ، متطبب، منجم، فبعث إليه فأشخص،