نعم، ليس من منهج المتقدمين أنهم عند تصحيحهم وتضعيفهم لكل حديث أن يعرضوه على القرآن، يعني ليس من الدرجات درجات وخطوات العمل لإثبات الحديث أو رده عرض الحديث على القرآن، لكن القرآن محفوظ في الصدور، فإذا وجد تعارض في الظاهر بين آيةٍ وحديث لا بد من سعي وتوفيق من أجل دفع هذا التعارض.
عائشة -رضي الله عنها- ردت حديث:((إن الميت ليعذب ببكاء أهله)) لأنه معارضٌ بقوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(١٦٤) سورة الأنعام] هل هذا لأنه ثبت عندها أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قاله؟ لكنه لما عارض القرآن والقرآن المصدر الأول وهذا الثاني إذاً يقدم الأول؟ لا، لم يبلغها بطريقٍ ملزمة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإلا {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [(٣٦) سورة الأحزاب] ليس لأحدٍ خيار، نعم قد يوجد في الظاهر تعارض، لكن في الحقيقة لا تعارض، لا بد من إيجاد مخرج بأن يحمل هذا على كذا وهذا يحمل على كذا، إن لم يوجد هذا المخرج فلم يمكن الجمع بين هذه النصوص المتعارضة في الظاهر، ولا عرف المتقدم من المتأخر، ولا أمكن الترجيح بين هذه النصوص ليحكم للراجح بأنه هو المحفوظ والمرجوح بأنه شاذ فحينئذٍ التوقف.
كلام الأخ هنا: ذكر بعضهم أن رد السنة ونقدها لمعارضتها القرآن، وعرض الحديث على القرآن ليس من منهج المتقدمين، نعم، هو لا يذكر في خطوات النقد، بل القرآن محفوظ، وبداهةً أي خبر يعارض القرآن يدقق فيه، فإما أن يكون ناسخاً على القول بأن الآحاد ينسخ القرآن، والجمهور على خلافه، أو يكون مخصص أو مقيد، المقصود أنه لا يوجد تعارض بين الوحيين تعارض حقيقي، اللهم إلا إذا كان أحدهم متأخر والثاني متقدم فيحكم بالنسخ، وليس هذا بتعارض، هذا لا يسمى تعارض في الحقيقة.