العدل من له ملكة، يقول أهل العلم: العدل من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة، والملكة هي الهيئة والصفة الراسخة، هذه الهيئة وهذه الصفة وهذه الملكة تحمل هذا الراوي على ملازمة التقوى وهي: فعل الواجبات واجتناب المحرمات، والمروءة وهي: آداب نفسانية تحمل على مجانبة ما يخل بها، ومردها إلى العرف، مرد المروءة إلى العرف، فقد يعد في بلد هذا العمل خرم للمروءة، وفي بلدٍ آخر لا يعد خرم للمروءة، لو خرج شخصٌ حاسراً عن رأسه في بلد انتقد، بينما يحسر عن رأسه في بلدٍ آخر ولا ينتقد، لو أكل في السوق ينتقد في بلد ولا ينتقد في بلد، فالبلد الذي ينتقد فيه يعد قد خرم المروءة، والذي يستخف بمشاعر الناس عند أهل العلم تسقط عدالته.
فما روى العدل عن العدولِ ... . . . . . . . . .
العدل عن العدول، والنظر في الجمع إلى المجموع مجموع الرواة، لا أنه يشترط أن يكون من رواية عدل عن جماعة عدول لا، يكفي في ذلك رواية العدل عن عدلٍ آخر ولو تفرد به.
فما روى العدل عن العدولِ ... وتم ضبط الكل للمنقولِ
لا بد من تمام الضبط ليكون الحديث صحيحاً لذاته، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
وأهل هذا الشأن قسموا السنن ... إلى صحيحٍ وضعيفٍ وحسن
"وتم ضبط" الضبط: هو الحفظ، الضبط هو الحفظ، وسيأتي تعريفه عند المؤلف -رحمه الله تعالى-.
"وتم ضبط الكل" يعني جميع الرواة الذين تتابعوا في رواية هذا الخبر على اتصاف هذا الوصف، "متصلاً" لا بد أن يكون الإسناد متصلاً، بمعنى أنه يكون كل راوٍ من رواته قد تلقاه ممن فوقه بطريقٍ معتبر من طرق التحمل، هذا الاتصال على ما سيأتي في كلام الناظم -رحمه الله تعالى-.
"ولم يشذ أو يعل" هذا بالنسبة للإسناد يشترط فيه عدالة الرواة، تمام الضبط، الاتصال، والعدالة قيد يخرج رواية الفاسق سواءً كان فسقه بارتكاب عمل أو اعتقاد، أو ترك ما أوجب الله -عز وجل-، إما بفعل عملٍ محرم، أو اعتقادٍ فاسد، أو بترك واجب، هذا مقتضى العدالة.