الثناء: هو تكرير المحامد شيئاً بعد شيء، والتفريق بين الحمد والثناء هو الراجح، وإن فسر أكثر أهل العلم الحمد بأنه الثناء؛ لما جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال العبد: الرحمن الرحيم قال الله تعالى: أثنى علي عبدي)) فغاير بينهما في هذا النص الصحيح، والحديث مخرجٌ في صحيح مسلم و (أل) في الحمد للجنس، جنس الحمد مختصٌ بالله -عز وجل-، أو للاستغراق جميع أنواع المحامد لله -عز وجل-، واللام في "للرحمن" للاختصاص كما هي في قوله -جل وعلا-: {الْحَمْدُ للهِ} [(٢) سورة الفاتحة] للاختصاص سواءً بسواء.
و"كل الحمد" تأكيد، تأكيدٌ لاستغراق جميع أنواع المحامد لله -جل وعلا-، واختصاصها بالله -عز وجل-.
"ذي الفضل" صاحب الفضل على جميع مخلوقاته حيث أوجدهم من العدم، وأسبغ عليهم النعم.
"والنعمة" يقول الراغب: النعمة الحال الحسنة، وبناءُ النعمة بناءُ الحالة التي يكون عليها الإنسان، يعني بناء هيئة كالجلسة والركبة والذبحة، وما أشبه ذلك، والنَعمة التنعم، وبناؤها بناء المرة كالضربة والشتمة، وما أشبه ذلك، والنعمة للجنس؛ لأنه قال: ذي الفضل والنعمة، هل المراد النعمة الواحدة أو النعم التي لا تعد ولا تحصى؟ فالنعمة (أل) فيها هنا للجنس، فيقال: النعمة للقليل والكثير، كما في قوله -جل وعلا-: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا} [(١٨) سورة النحل] هل المراد أن نعد نعمة واحدة؟ نعد نعم، لكننا لا نحصي هذه النعم {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا} [(١٨) سورة النحل] {اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [(٤٧) سورة البقرة] {أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [(٣) سورة المائدة] {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ} [(١٧٤) سورة آل عمران] إلى غير ذلك من الآيات، المقصود أن النعمة تطلق ويراد بها جنس النعم، فتطلق وإن كان لفظها لفظ المفرد إلا أنها تطلق على القليل والكثير.