الجمهور أيدوا كلامهم أولاً: الواقع يقتضيه، يعني لو بحثنا في أحاديث الكتابين لوجدنا الواقع كما هو، الإمام البخاري نفسه ومسلم نفسه يعني البخاري لذاته ومسلم لذاته، لو رجحنا بين المؤلفين لما كانت هناك نسبة بين مسلم والبخاري، حتى قالوا: إنه لولا البخاري لما راح مسلم ولا جاء، البخاري إمام الصنعة، ومسلم تلميذه وخريجه، فالبخاري أرجح، قد يقول قائل: إن ترجيح المؤلِف لا يعني ترجيح المؤلَف، بعض الناس عنده علم علم عظيم أعلم من غيره، لكن إذا كتب تجد الكتابات ما هي بعلى مستواه، ولا يعني هذا أن كل كتاب مقرون بفضل مؤلفه، هذا الأصل أن الأثر مقارن للمؤثر، لكن يبقى أن هناك أمور استثنائة المؤلف يضعف فيها عن مستواه العلم، وهذا شيء مشاهد.
هناك أوجه للترجيح؛ لأن مدار الصحة على ثقةٍ الرواة واتصال الأسانيد، والبخاري كتابه أوثق رواة، وأشد اتصال، وبيان ذلك: أن الرواة المتكلم فيهم في صحيح البخاري أقل من الرواة المتكلم فيهم في صحيح مسلم، ولا شك أنه كلما قل العدد ارتفعت الكفة، كلما كثر العدد هبطت الكفة، الأحاديث المنتقدة في صحيح البخاري أقل من الأحاديث المنتقدة في صحيح مسلم وهذا كسابقه.
قالوا: صحيح البخاري أسانيده أشد اتصال، وهذه المسألة التي هي مسألة اشتراط البخاري للقاء، واكتفاء مسلم بالمعاصرة والنزاع الطويل الذي حصل فيها، ويحصل، وما زال يكتب فيه بقوة يأتي تفصيله -إن شاء الله تعالى-.
لكن أهل العلم اعتمدوا على هذا، ورجحوا صحيح البخاري لأنه يشترط هذا الشرط إن ثبت عندهم، وأنا لا أشكك في هذا بقدر ما أترك للمسألة يعني جو يوطنها ويوطئها لبحثها مستقبلاً -إن شاء الله تعالى-، فبهذا رجح صحيح البخاري على صحيح مسلم.