للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي سنن الترمذي يقول: روي عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا: صلاة الرب الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار، والسلام هو التحية، ولم يقتصر الناظم -رحمه الله تعالى- على ذكر الصلاة امتثالاً للأمر في قوله -جل وعلا- في الآية آنفة الذكر {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} فجمع بينهما ليتم الامتثال، وإن وقع في كلام بعض أهل العلم الاقتصار على الصلاة، أو الاقتصار على السلام، كما فعل مسلم في مقدمة صحيحه، وهذه إنما تقع من مثل هؤلاء إذا طال الفصل، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ثم ينسى وسلم تسليماً كثيراً، لكن لو قرن بينهما وقال: وصلى الله وسلم وبارك ما نسي السلام.

على كل حال النووي -رحمه الله تعالى- في شرحه لكلام مسلم أطلق الكراهة بالنسبة لمن يقتصر على الصلاة دون السلام أو العكس، وخص الحافظ ابن حجر الكراهة فيمن كان ديدنه ذلك، باستمرار يصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يسلم عليه أو العكس، ومثل هذا لا يتم امتثاله للأمر المذكور في الآية.

على كل حال هو وقع من بعض العلماء ولم يكن ديدناً لهم، ولم يقتصر الناظم -رحمة الله تعالى عليه- على ذكر الآل فأفردهم عن الصحب، وإن دخل الصحب في الآل بالمعنى الأعم؛ لأن بعض طوائف المبتدعة تقتصر على ذكر الآل، ولم يقتصر على ذكر الصحب مخالفةً لمبتدعةٍ آخرين فجمع بينهما، ولا شك أن كل من الآل والصحب لهم حق على الأمة، فالآل وصيته -عليه الصلاة والسلام-، الآل وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، فمن امتثال هذه الوصية ومن البر به -عليه الصلاة والسلام-.

<<  <  ج: ص:  >  >>