ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- مع أنه عرف في هذا الباب، ونقل عنه أشياء إلا أنه ليس بالمعصوم من الخطأ، حكم على حديث ثوبان، حكم على الحديث:((ولا يؤمن رجلٌ قوماً فيخص نفسه بدعوة دونهم)) هذا حديثٌ حسن، ((ولا يؤمن عبدٌ قوماً فيخص نفسه بدعوة دونهم)) قال: هذا حديث موضوع، هذا حديث موضوع، لماذا؟ قال: لأنه معارضٌ بما ثبت في الصحيحين من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي)) ويقول -عليه الصلاة والسلام- بين السجدتين:((رب اغفر لي، رب اغفر لي)) فهذه الأحاديث الصحيحة معارضة لهذه الحديث إذاً هو موضوع.
يعني خفي عليه وجه الجمع بينهما، وعلى هذا لنعلم أنه مهما أشيد بعالم أو بإمام، ومهما بلغت منزلته ورسوخ قدمه في العلم إلا أنه لا بد أن يقع منه الهفوة والزلة، ولا بد أن يجانب الصواب في مسائل؛ لأنه ليس بمعصوم.
وهذا مثل ما سمعتم إمام الأئمة خفي عليه مثل هذا، وشيخ الإسلام يرى أن الحديث الذي يمنع الإمام من تخصيص نفسه بالدعاء خاص بالدعاء الذي يؤمن عليه، بالدعاء الذي يؤمن عليه كدعاء القنوت مثلاً يعني هل يتصور أن يقول الإمام وخلفه الصفوف: اللهم أهدني فيمن هديت؟ هل يطيق المأموم سماع هذا الكلام؟ وينتظر من المأمومين أن يقولوا: آمين؟ لا، لا، هذا لا يجوز له أن يخص نفسه بالدعاء، فالدعاء الذي يؤمن عليه لا يجوز للإمام أن يخص نفسه بالدعاء فيه، وعلى هذا يحمل الحديث.
وغيره يرى أن الدعاء الذي لا يجوز تخصيص الإمام نفسه به الدعاء الذي لا يشترك فيه الإمام والمأموم، الدعاء الذي يشترك فيه الإمام المأموم بمعنى أن المأموم بيدعي دعاء الاستفتاح، فلا داعي أن يدعو له الإمام، المأموم بيقول: رب اغفر لي وارحمني بين السجدتين، لكن في السجود لا يجوز للإمام أن يخص نفسه بالدعاء؛ لأنه احتمال أن لا يدعو المأموم لنفسه في هذا الموضع، وإذا فرغ من التشهد وتخير من المسألة ما شاء لا يجوز له أن يخص نفسه بالدعاء، لكن كأن كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- أوضح.