أولاً: هذا الزمان كغيره من الأزمان التي يتناولها الحث على طلب العلم، ومن خير ما تصرف فيه الأعمار طلب العلم، ومن أهم العلوم علم السنة بعد علم الكتاب علم السنة، والسنة لا يعرف صحيحها من ضعيفها إلا بواسطة علوم الحديث وعلم المصطلح، فهو من الأهمية بحيث لا يخفى على آحاد المتعلمين، إذا كان موضوع علم المصطلح معرفة الصحيح من الضعيف، المقبول من المردود مما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- الأسوة والقدوة، فكيف يتجه مثل هذا السؤال؟ نعم، قد يقول قائل: إن كثير ممن درس هذا العلم استمروا يقلدون في أحكامهم على الرواة، وفي أحكامهم على الأحاديث، فإذا كان التقليد لازماً لطالب العلم فلماذا يدرس هذه الوسائل التي بها يدرك الصحيح والضعيف؟ أقول: إذا رضي لنفسه بالتقليد فليرضى لنفسه أيضاً بتقليد الأئمة في الأحكام أيضاً، ولماذا يدرس علم الأصول؟ ثم بعد ذلك يتسلسل الأمر إلى أن يقول: أكتفي بسؤال أهل العلم، وبهذا يكون عامياً.
وكلامي موجهٌ لمن يريد طلب العلم، يريد طلب العلم، بعد أن سمع من النصوص ما يحثه على ذلك ويرغبه فيه، فلا مندوحة لطالب العلم الذي عنده العزيمة على طلب العلم الشرعي لا مندوحة له من دراسة المصطلح وأصول الفقه، وعلوم العربية، وعلوم القرآن، كل هذه مما لا بد لطالب العلم من معرفته، وهي تعين على فهم الكتاب والسنة، وهي وإن لم تكن مقاصد إلا أنها وسائل لفهم الكتاب والسنة.