ابن حبان نقل الاتفاق على أن الداعية إلى البدعة لا يقبل خبره، فأخرجوه من الخلاف، وابن حزم يرى أن الداعية أولى بالقبول من غير الداعية، لماذا؟ حجة الجمهور أن الداعية وهو يتحمس لدعوته لا بد أن يثبت رأيه بشيء يستند إليه، فقد لا يجد من صحيح السنة ما يدعمه ولا بد أن يوجد ما يستند إليه فيضطر حينئذٍ إلى الكذب هذا الداعية، ومع ذلكم إذا رأى ما يؤيد بدعته فكن على وجل من روايته، لا شك أن تأييد البدعة براوية من مبتدع يعتنقها هذا يوجد ريبة في قلب السامع، لكن يرد على الداعية مع العلم بصدق اللهجة، البخاري -رحمه الله تعالى- خرج لعمران بن حطان، خرج لعمران بن حطان وهو داعية إلى مذهب الخوارج، والحافظ ابن حجر يقول:"ما المانع للتخريج له، وقد عرف بصدق اللهجة؟ " وقال العيني متعقباً له: "أي صدق في لهجة مادح قاتل علي؟ " واضح ولا ما هو بواضح؟ ابن حجر يقول:"ما المانع من قبول روايته وقد عرف بصدق اللهجة؟ " ومن الأمور المسلم بها أن الخوارج أصدق طوائف البدع في الكلام، وأكثرهم تحاشياً للكذب، لكن -نسأل الله تعالى السلامة والعافية- يعني زيادة حرصهم على الخير مع الجهل والزيادة على المطلوب شرعاً، وتعدي ما حد الله -جل وعلا- لعباده هذا يوقع الإنسان في هذه البلية، وهي الغلو والتطرف والتشدد والخروج هذه آفات؛ لأن الشيطان ينظر في العبد فإن وجده متساهلاً متراخياً زاده تساهلاً وثبطه عن الطاعات، وإن وجد عنده نوع حرص على العبادة دفعه وهيأ له أن يزيد على ما شرعه الله تعالى له وكلاهما مذموم، يقول:"أي مانع من قبول روايته وقد عرف بصدق اللهجة؟ " لأنه من الخوارج وقد عرفوا بصدق اللهجة، لكن العيني تعقبه بقوله:"أي صدق في لهجت مادح قاتل علي؟ " لأن عمران بن حطان له قصيدة يمدح فيها ابن ملجم الذي قتل علياً -رضي الله عنه-، لكن القتل والمدح عندهم ديانة، مثل هذا ما في حيلة لا إقناع ولا يمكن ديانة هذه، فهو يتحمس لما يراه حقاً، ولنذكر في هذا قول ابن حزم: إن الداعية أولى بالقبول من غير الداعية؛ لأنه أكثر حماس لدينه، هو يرى أن هذا حق، وهل تكفي رؤية الإنسان لنفسه أن هذا هو الحق؟ نعم لا يكفي، وعلى الإنسان أن يتهم نفسه باجتهاداته نعم،