هل يمكن الاحتياط في مثل هذا الباب يكون توقفنا عن كثير من الأحاديث هو الراجح احتياط للسنة؟ هل يمكن الاحتياط في مثل هذا الباب؟ أو يقول بعضنا: نسلك مسلك التشدد في القبول -في قبول الرواة وقبول الأخبار- احتياطاً للسنة؟ نعم؟ يقول الثاني: لا يا أخي نتساهل في قبول الرواة وفي قبول المرويات حفاظاً على السنة من الضياع؛ لأن الطرفين كلاهما أمر ينتابه الاحتياط، وعلى هذا لا يتجه الاحتياط في الطرفين، كيف؟ لأنك إن احتطت للسنة وضعفت، ضعفت الرواة وصار نظرك على التشديد في تضعيف الأحاديث فوت العمل بأحاديث الأمة بحاجة إليها، وقد لا يكون في الباب غيرها، وهي صحيحة عند غيرك لكن أنت حرمت الناس من العمل بها، وأيضاً التساهل يجعلك تجعل الناس يعملون بأحاديث غير ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا عندنا على طرف نقيض مستدرك الحاكم وموضوعات ابن الجوزي، مستدرك الحاكم تساهل فصحح بعض الأحاديث الضعيفة، بل بعض الأحاديث شديدة الضعف، بل بعض الواهيات صححها، وإذا تجاوزنا قلنا: بعض الموضوعات، وبالمقابل الحاكم طريقته تجعل الناس يعملون بأخبار غير ثابتة بناء على تصحيحه، وبالمقابل صنيع ابن الجوزي أدخل حديث في صحيح البخاري من رواية حماد بن شاكر في الموضوعات، ادخل حديث في صحيح مسلم في الموضوعات، أدخل أحاديث من السنن في الموضوعات، أدخل تسعة أحاديث من المسند في الموضوعات، وعمل الرجلين كل منهما خطأ؛ لأن تضييع الأحاديث وتفويت العمل بهذه الأحاديث على الأمة فيه ما فيه، وأيضاً التساهل وجعل الأمة تعمل بأشياء غير ثابتة فيه ما فيه، إضافة إلى أن الإنسان بهذه الطريقة يُسئ إلى نفسه، ويسقط على ما يقولون المصداقية من علمه، إذا قيل: هذا متشدد أو قيل: متساهل واسع الخطو، فلا أحسن من التوسط، مع أن التشدد والتساهل قد يكون أصله جبلي، أصله جبلي في الإنسان، بعض الناس يميل في غالب أموره إلى التسهيل، وبعضهم يميل إلى التشديد، فليحرص الإنسان على أن يسلك أمر الوسط في هذا الباب وفي غيره من أبواب الدين، فالدين وسط {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [(١٤٣) سورة البقرة] أمة وسطاً، وأهل السنة وسط بين طوائف المبتدعة، فعلينا أن نتوسط،