نظير هذا ما عندنا، شخص مبتدئ في علم الحديث درس حديثاً روي موقوفاً ومرفوعاً ماذا يصنع؟ حديث رفع اليدين بعد الركعتين والقيام من التشهد الأول ماذا يصنع؟ من يقلد من المتقدمين؟ وبمن يقتدي من المتقدمين؟ المسألة مفترضة في المبتدئ، هل يقول: الحكم للرفع ويقلد في ذلك الإمام البخاري حيث أخرجه في صحيحه مرفوعاً؟ أو يقول: لا، الحكم للوقف لأنه هو المتأكد كما يقول الإمام أحمد؟ إذاً من يقلد من المتقدمين؟ الأئمة الكبار إذا أراد أن يقلدهم وهم الأصل وهم القدوة، وعلى عملهم وكلامه عمدة المتأخرين، لكن من يقلد من هؤلاء المتقدمين؟ هل يقلد شخص بعينه؟ هذا هو التقليد الذي ينفرون منه، هل ينظر باجتهاده؟ ليس من أهل النظر والاجتهاد، هل يوازن بين أقوالهم؟ لم يتأهل لهذا العمل، الواحد من الأئمة الكبار الواحد يعني إذا أراد أن يقلد واحداً منهم وقع في التقليد الذي يحذر منه، اختار مثلاً الإمام أحمد وقلده، الإمام أحمد أحياناً يحكم بوصل وأحياناً يحكم بإرسال لقرائن يدركها الإمام لكن لا يدركها من يقلده.
فأقول: المبتدئ لا بد أن يتمرن على قواعد المتأخرين، وفي الأحكام لا بد أن يدرس الفقه على الجواد المطروقة عند أهل العلم في كتب أهل العلم، ولا يعني هذا أن طالب العلم يستمر على هذه الطريقة لا، إذا حصلت له الأهلية للنظر في النصوص واستطاع أن ينظر في النصوص على مقتضى نظر أهل العلم وحاكاهم، وتأهل للموازنة بين النصوص، وعرف الراجح من الرجوح هذا فرض، لا يقلد في دينه الرجال.