الإعطاء والأخذ التعامل مع الناس كله باليمين، لو واحد قلت له: ناولني هذا، فناولك باليسار هذا ما هو مستساغ ولا مقبول، جاء في حديث:((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوا منه ما استطعتم، وإذا أمرتكم بأمر فأتوه)) مقلوب، قلب هذا، وأمثلة المقلوب كثيرة جداً، لكن يهمنا صيانة الصحيح، وهكذا ينبغي لطالب العلم أن يهاب الصحيحين، والمقلوب كما هو معروف من قسم الضعيف، فماذا نقول عما في صحيح مسلم؟ المقلوب ضعيف، فماذا نقول عن حديث السبعة وفيه:((لا تعلم يمنيه ما تنفق شماله))؟ هل يمكن تخريجه على وجه صحيح بحيث نصون الصحيح من الحكم على حديث من أحاديثه وقد تلقته الأمة بالقبول نصونه عن الضعف؟ كيف؟ نقول: الأمر سهل هذا الرجل يمدح كما يمدح بالإخفاء يمدح بكثرة الإنفاق، كما يمدح بالإخفاء -إخفاء صدقته حتى لا تعلم يمينه أو لا تعلم شماله- يمدح بالإخفاء، ولذا لا يعلم طرفه الآخر، إذا كان لا يعلم عن إنفاقه جانبه فكيف بغيره؟! فهذا الرجل كما يمدح بالإخفاء يمدح أيضاً بكثرة الإنفاق، يعني مع كثرة إنفاقه يستطيع أن يخفي؛ فلكثرة إنفاقه مرة ينفق بيمينه ومرة بشماله ومرة من أمامه ومرة من خلفه، والإخفاء قد يضطر الإنسان إلى أن ينفق بالشمال، يفترض عنده ناس جالسين عن يمينه فجاء فقير من شماله فأعطاه بحيث لا يمر إلى يمنيه ظاهر جداً، يعني ممكن، نعم، والفقير إذا أعطي لن يحمل في نفسه شيء لأنه أعطي بالشمال، المقصود الأعظم وقد حصل، يؤيد ذلك الحديث المخرج في صحيح البخاري:((ما يسرني أن لي مثل أحد ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين، حتى أقول فيه هكذا وهكذا وهكذا)) عن يمينه وعن شماله ومن أمامه ومن خلفه، هذه كناية عن كثرة الإنفاق، وبهذا نصون الصحيح من دعوى القلب، والمقلوب من الضعيف، وإذا أمكن تخريج الخبر على وجه يصح لا شك أنه يتعين؛ لأنه يترتب على عدم التخريج توهيم الرواة، والمسألة مفترضة الآن في رواة ثقات رواة الصحيح، الذي قال كثير من أهل العلم أنهم جازوا القنطرة، مما حكم عليه بالقلب حديث البروك:((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) وهو أرجح من حديث وائل: "كان رسول الله -صلى الله عليه