لا هو الكلام في صيانة الصحيح، الصحيحين تلقتهم الأمة بالقبول فصيانتهما متعينة؛ لأنه إذا تطاولنا على الصحيحين فماذا بقي لنا من الكتب؟ تلقتهما الأمة بالقبول، لا يجعل الحديث الذي يرويه أصحاب الصحيح قطعي، ولذا ذكروا من القرائن التي تحتف بالخبر حتى يكتسب القطيعة كونه مخرج في الصحيحين أو في أحدهما، في كتاب ألتزمت صحته، وتلقته الأمة بالقبول، فمثل هذا لا بد منه، أما في غيرهما من الكتب يحرص الإنسان على أن يصون الرواة الثقات عن أن يوهموا، ويتق الله -جل وعلا- بقدر استطاعته، ويحكم بما يوصله إليه اجتهاده.
ومنه أن يجعل متناً لسند ... وقلب متنه لذلك السند
يجعل متن لسند، وقلب متنه لذلك السند، ومثل في هذا الموضع بحديث شريك الذي ذكرناه في باب المدرج في الصورة الرابعة بالأمس، جعل متن هذا الحديث أو متن هذا الكلام لذلك السند نعم، وأحياناً يهم بعض الرواة فيجعل حديث عمر مثلاً لأبي هريرة والعكس، هذا قلب، هذا نوع من القلب الذي أشار إليه المؤلف هنا، لكن بعض الرواة الضعفاء يأتون إلى حديث يروى بسند ضعيف أو بسند تآلف فيركب له إسناد غير إسناده ليكون مقبولاً عند السامع، وقد يكون الحديث صحيحاً بإسناده لكن يركب له إسناد ثاني للإغراب، وهذا يسمونه سرقة الحديث، سرقة الحديث، وهو من أشد القوادح.
وسوغوا هذا للاختبارِ ... لحاجة من دونما إصرارِ
تأتي تختبر طالب لتعرف مدى إتقانه لما كلف بحفظه، عندك طلاب تدرسهم البخاري، وتطالبهم بحفظه سنداً ومتناً، فتأتي إلى حديث فتركب عليه سند حديث آخر والحديث الآخر تركب عليه سند الحديث الأول، هذا لمجرد الاختبار، يعني تعمد القلب حرام؛ لأنه يجعل المقبول مردوداً والمردود مقبولاً، فهذا بمجرده حرام، تضييع لما اشتمل عليه الحديث المقبول بجعله غير مقبول، وجعل الأمة تعمل بحديث غير مقبول؛ لأنه ركب عليه إسناد مقبول فهذا حرام، لكن للامتحان، هنا يقول: