للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

لما قدم الإمام البخاري بغداد اختبروه فعمدوا إلى مائة حديث ووكلوها إلى عشرة من الأشخاص قلبت أسانيدها، سند هذا جعل لمتن هذا، ومتن هذا جعل لسند هذا إلى أن تمت المائة، ووزعت على عشرة أشخاص كل واحد له عشرة أحاديث، فلما استقر بهم المجلس قام واحد من العشرة قال: ما تقول في حديث فلان عن فلان عن فلان قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذا؟ قال: لا أعرفه، وما رأيك في حديث عن فلان عن فلان عن فلان قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذا؟ قال: لا أعرفه، وهكذا إلى أن أتم العشرة، العشرة الأحاديث، الذي لا يعرف حقيقة الحال يقول: هذا البخاري الذي تذكرون عجز ولا حديث من العشرة أجابه، أما الفهماء من الحاضرين يقول: عرف الرجل، فهم المقصود الرجل، ثم قام الثاني ففعل وصنع مثلما صنع الأول، ثم الثالث ثم الرابع ثم العاشر إلى أن تمت المائة، فلما تمت المائة ألتفت إلى الأول قال: قلت كذا وصوابه كذا، الثاني قلت كذا وصوابه كذا، فتعجب العلماء من حفظه لها على هذا الترتيب، وأقول: أعجب من ذلك حفظه لخطئها كحفظه لصوابها؛ لأن العالم قد يحفظ الصواب، لكن كونه يحفظ المائة حديث مقلوبة ملخبطة، يعني ما جاءت على وجهها ثم يحفظ الخطأ ويعيده إلى الصواب بهذه الطريقة عجب، ولا شك أنه من حفاظ الإسلام الكبار.

<<  <  ج: ص:  >  >>