قد يقول قائل: الصحابة ما قرؤوا لا في أصول الفقه ولا قرؤوا في علوم الحديث ولا .. ، ويبغي يسوي مثلهم، نقول: أنى لك؟ الصحابة عاشروا النبي وعايشوه -عليه الصلاة والسلام-، وعرفوا المقاصد وهم عربٌ أقحاح، وأخذوا العلم بالتدريج على حسب التنزيل، والحديث ما جاءهم دفعة واحدة إنما جاءهم مؤقتاً حسب الحاجة، وأفهامهم تختلف عن أفهامنا لكثرة الوسائط، أيضاً هم يأخذون من النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة، فلا يكلفون بمعرفة الجرح والتعديل وقواعد الجرح والتعديل، وما قيل في الرواة، ليس هناك رواة، إذاً نحن لا بد أن نقرأ في كتب المتأخرين وننظر في مواقع الاستعمال عند المتقدمين، ونوازن، ونكثر من التمرين، ونديم النظر في كتب المتقدمين بعد مرحلة، يعني إذا أنهينا كتاب أو كتابين في علوم الحديث، يعني الذي يقرأ النخبة ويفهمها، ثم يقرأ بعدها اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير، ثم ألفية العراقي، بعد ذلك تأهل خلاص، إذا كان عنده ملكة، إذا تولدت الملكة، والملكة لا يمكن أن تتولد من الكلام النظري إطلاقاً، الملكة لا تتولد إلا من العمل، هذه العلوم عملية.
يعني لو شخص يدرس عمره في مدرسة دله للسيارات كيف يتعلم هذا؟ لكن يمسك المفتاح ويسوق السيارة يومين ثلاثة خمسة عشرة يتعلم، لكن الكلام النظري يقرأ كيف يخرج الحديث على الطرق المعروفة عند .. ؟ ولذا تلاحظون أنه لم يكتب في التخريج طرق التخريج عند المتقدمين شيء، يعني كيف تخرج الحديث من طرفه الأول؟ في كلمة غريبة؟ من صحابيه؟ من كذا من كذا؟ ما ألف فيه شيء إلا إلى وقتٍ قريب يمكن ربع قرن لما احتاجه الناس، وإلا فالأصل أن هذا علم عملي، أنت محتاج إلى حديث تبحث عنه في الكتب ثم تتعلم كيف تخرجه؟ لست بحاجة إلى أن تقرأ في كتاب تخريج لا أبداً هذا علم عملي، مثل ما تأخذ مفتاح السيارة أول يوم ثاني يوم تتعثر ثم بعد ذلك تسلك.