المتقدمون كانت عندهم القواعد في الصدور، لا يوجد كتاب في أصول الفقه عند المتقدمين قبل الإمام الشافعي، ولا يوجد في علوم الحديث كتاب مستقل يجمع جميع ما يحتاج إليه المتأخرون، أما ما يحتاجونه فلم يقصروا فيه، والحاجة كلما طال العهد تزداد، ولذا تجدون في كل علمٍ من العلوم في التصنيف فيه يبدأ مختصر حسب الحاجة، ثم يزيد أهل العلم فيه مما يحتاج إليه مما طرأ بعد، ثم يزاد عليه كذلك.
ثم إليها قربوا الوصولا ... لغيرهم فأصلوا أصولا
يعني ضبطوا وضعوا قواعد يستعين بها من جاء بعدهم على معرفة المقبول من المردود.
ولقبوا ذاك بعلم المصطلح ... حيث عليها الكل منهم اصطلح
هناك اصطلاح وهو العرف الخاص عند أهل هذا الشأن هذا يسمونه اصطلاح، فإذا اصطلح أهل الحديث على شيء سمي مصطلح أهل الحديث، واصطلح أهل اللغة على شيء قيل: مصطلح أهل اللغة، اصطلح أهل التجارة على شيء قيل: مصطلح التجار، اصطلح أهل الزراعة على شيء وهكذا ..
ولقبوا ذاك بعلم المصطلح ... حيث عليها الكل منهم اصطلح
وزاد من جا بعدهم عليها ... بحسب احتياجهم إليها
بحسب احتياجهم إليها، نعم يعني لو نظرنا إلى أول ما كتب في المصطلح، سواءً ما وجد مبثوثاً في كتب الإمام الشافعي، أو من خلال سؤالات الأئمة، وما دمج في تواريخيهم، وما كتبه الترمذي في جامعه من بعض القواعد، والدارقطني ومن جاء بعدهم إلى أن جاء الرامهرمزي فصنف كتابه:(المحدث الفاصل بين الراوي والواعي) لكنه لم يستوعب، طبيعي أنه لا يستوعب، يعني أول لبنة توضع في هذا البناء من عمل البشر هل يتصور أن تكون مستوعبة؟ لا يتصور، ولو استوعب الأول انقطعت الأجور عمن جاء بعده خلاص، ليس لمن جاء بعده دور.